110

Fusul Gharawiyya

الفصول الغروية في الأصول الفقهية

Tahun Penerbitan

1404 AH

الشرط المعلوم عدمه كما يظهر من السيد وغيره كصاحب المعالم بل يظهر منهما المنع حال تمكن الامر من استعلام الحال أيضا فإن أرادوا أنه في نفسه غير جائز فممنوع إذ لا ريب في أن الفعل قد يكون بحيث لو وجد الشرط لكان مطلوبا وظاهر أن مفاد الامر به على وجه الاشتراط لا يزيد على ذلك فلا بأس بالكشف عن ذلك المعنى بطريق الامر مع التعليق ولا فرق في ذلك بين التصريح بالاشتراط حال الامر أو بعدها أو التعويل على دلالة العقل وإن أرادوا أن الامر حال العلم بعدم الشرط مما لا فائدة فيه فيكون سفها فهو على إطلاقه ممنوع إذ قد يترتب عليه فوائد كما سيأتي التنبيه عليها وتسرية المنع إلى الجاهل المتمكن من تحصيل العلم بالشرط على الاطلاق أوضح فسادا إذ قد يكون الامر بالشرط أسهل من الاستعلام فيرجح عليه وأما ما تمسك به السيد رحمه الله من أن الشرط إنما يحسن ممن لا يعلم العواقب فلا نرى منه ذلك إلا مجرد دعوى إذ لا شاهد له عليه لا عقلا ولا نقلا وقد ورد للتعليق على الشرط في الكتاب في مواضع كثيرة كقوله تعالى إن كنتم جنبا فاطهروا وإن ظنا أن يقيما حدود الله وإن أردتم استبدال زوج وإن كان ذو عسيرة إلى غير ذلك وكان السيد يخص الدعوى بما إذا انتفي الشرط مطلقا وأما إذا انتفي بالنسبة إلى البعض أو في بعض الأحوال فلا مانع هنا من ذكر الشرط لتشخيص المكلف أو لتعيين محل الحكم فلا يرد عليه النقض بالآيات المذكورة واحتجاج الفاضل المعاصر على المنع بلزوم التكليف بالمحال غير مستقيم على هذا التقدير وإنما يلزم ذلك لو كان الامر مطلقا ثم لا فرق في ذلك بين أن يكون الشرط مقدورا للمكلف أو لا كأمر من يعلم الامر أنه يسافر في أثناء النهار أو لا يتمكن من الصوم بالصوم وأما لزوم الكفارة في بعض الصور فلا ينافي الاشتراط الكاشف عن عدم الامر به واقعا لجواز أن يكون ذلك على التجري أو على ترك الامساك الواجب قبل حصول المانع ولا دليل على انحصار الكفارة في إفطار الصوم المأمور به بالامر الواقعي وفي إلحاق شرط عدم النسخ بما مر وجه هذا كله إذا حمل الامر في عنوان النزاع على الامر الحقيقي كما هو الظاهر وأما إذا حمل على الامر الصوري كما استظهره بعضهم من كلماتهم ففي الحكم بجوازه وجهان والجواز أقرب على ما يساعد عليه الاعتبار لا يقال الامر على ما ذكرت في التقدير المتقدم يتوقف على شرط لا تحقق له فينتفي بانتفاء شرطه فلا يكون أمرا حقيقيا إذ المعدوم لا حقيقة له بل يكون أمرا صوريا فيتحد الوجهان لأنا نقول معنى كون الامر حقيقيا على تقدير حصول الشرط أنه لو تحقق الشرط تحقق الامر لان الامر يتحقق بدون الشرط فإن ذلك مخل بمعنى الاشتراط والفرق بين الامر الحقيقي بهذا المعنى والامر الصوري أن معنى الامر مقصود حقيقة على الأول ولهذا لزم اعتبار الشرط وأما الامر الصوري فلا يتعلق القصد فيه بطلب شئ أصلا بل المقصود فيه إنما هو إبراز صورة الامر ليتوهم المخاطب أنه أمر حقيقي ليترتب عليه ما هو المقصود من التخويف أو الاختبار أو شبهه و هذا مما لا حاجة فيه إلى اعتبار الاشتراط إذا عرفت هذا فنقول حجة المجوزين وجوه الأول أنه لو لم يجز ذلك لما عصى أحد والتالي باطل بالضرورة أما الملازمة فلان كل ما لم يوجد فقد انتفي بعض علته التامة وأقله إرادة المكلف فيمتنع وحينئذ فلا تكليف فلا معصية والجواب أن ذلك خارج عن موضع النزاع إذ البحث في شرائط الوجوب والإرادة من شرائط الوجود وامتناع الفعل لعدم الإرادة لا يوجب سقوط التكليف والعصيان لان الممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار نعم ربما أمكن توجيه [توجه] الدليل المذكور على مذهب الأشعري الثاني أنه لو لم يجز لما علم أحد بأنه مكلف والتالي باطل بالضرورة بيان الملازمة أن المكلف حال الفعل وبعده ينقطع عنه التكليف وقبله لا يعلم به لجواز أن لا يتحقق بعض شرائطه فيمتنع فلا يكلف به فلان قيل قد يحصل العلم قبل الفعل كما في الموسع إذا اجتمعت الشرائط عند دخول الوقت وذلك كاف في نقض الملازمة قلنا نفرض وقت الموسع زمنا زمنا فكل جز إما أن يقارن زمن الفعل أو يتأخر عنه أو يتقدم عليه ولا تكليف على الأولين ويحتمل على الثالث أن لا يبقى بصفة التكليف فلا يعلم به والجواب أنه إن أريد بالتالي عدم العلم بالتكليف الظاهري فالملازمة ممنوع إذ جواز عدم البقاء بصفة التكليف لا يقدح في استصحاب البقاء المثبت للحكم الظاهري بل ربما يكفي في ثبوت الحكم الظاهري مجرد تجويز التمكن وإن لم يساعده الاستصحاب و إن أريد عدم العلم بالتكليف الواقعي فبطلانه ممنوع ودعوى الضرورة فيه مكابرة ويمكن أن يجاب حينئذ أيضا بمنع الملازمة إذ قد يحصل العلم لآحاد الناس إذا كان زمن الفعل يسيرا وكانت شرائطه مبتذلة وكذا إذا أخبر بالبقاء من يحصل العلم بإخباره [خبره] أو نحو ذلك لكن هذه فروض نادرة وكأن مبنى الاستدلال ليس عليها الثالث أنه لو لم يجز لما علم إبراهيم عليه السلام بوجوب ذبح ولده إسماعيل والتالي باطل أما الملازمة فلانتفاء شرط الوجوب حال الفعل أعني عدم النسخ وامتناع الخطأ في علم الأنبياء وأما فساد التالي فلانه لو لم يعلم لما أقدم على الذبح ولم يحتج إلى فداء و قد أجيب عنه بالمنع من بطلان التالي لأنه لم يؤمر بنفس الذبح بل بمقدماته المختصة وأما الفداء فلعله عما ظن أنه سيؤمر به من الذبح أو بعض مقدماته إذ لا يلزم أن يكون الفداء من جنس المفدي واعترض عليه بعض المعاصرين بأن ذلك لا يليق بأن يمتحن به مثل إبراهيم و إسماعيل و يشتهرا بالفضل له ولا ما ورد من أن المراد بذبح عظيم هو الحسين عليه السلام وفيه أن الامتحان والفضل إنما يتحققان على تقدير عدم الذبح بتوطين النفس عليه وهو كما يتحقق في الامر به كذلك يتحقق بما يدل عادة على الامر به كالأمر بمقدماته التي لا يؤتى بها في العادة إلا له والرواية غير واضحة الدلالة على المقصود مع أنها بظاهرها مطروحة لدلالتها على انحطاط رتبة الحسين عليه السلام عن رتبة إسماعيل وهو خلاف المذهب إلا أن يراد بالفداء مجرد البدلية أو يجعل الباء للسببية لا للتعدية وكلاهما بعيد ثم قال و أما تصديق الرؤيا فمعارض بقوله إني أذبحك ولا بد من التأويل فهو في الأول أولى انتهى وتوضيحه أن الذي صدر منه لم يكن إلا مقدمات الذبح وحينئذ فظاهر التصديق ينافي ظاهر الاخبار بوقوع الذبح منه في المنام إذ تصديق

Halaman 110