بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تصدير
الحمد لله ربنا العظيم، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، المبعوث رحمة للعالمين، بشريعة العدل والإحسان، التي نهض أعلام الأمة ببيانها وتفصيل أحكامها ونشرها.
وبعد فقد تفاوت فقهاؤنا في التوغل في مجال الاجتهاد، وتنوعت وسائلهم وطرقهم في استعمال العقل المهتدي بتعاليم الوحي الإلهي، وكان من جملة هذه الطرق التنظير بين المسائل المتشابهة، وبيان الفروق بين الفروع التي ظاهرها التشابه، وهي متباينة في حقيقة أمرها.
وقد أثمرت جهود الفقهاء في فن الجموع والفروق، وآتت أكلها الطيب، فتعددت مؤلفات هذا الفن وارتبطت بعلم القواعد الفقهية الدالة على أسرار الشريعة ومقاصدها، كما ربطها بعضهم بالمطارحات والمحاضرة العلمية.
ولئن اشتهرت بعض كتب الفروق ولمعت نجوم أصحابها، فإن بعضها لم يشتهر ولم يتداول، وبقي ضمن المخطوطات التي لا تصل إليها الأيدي إلا نادرًا.
ومن هذا الصنف الثاني كتاب هام، صاحبه من الرواد الذين خاضوا مجال التأليف في هذا الفن الفقهي، بذل جهدًا في التقعيد والتفصيل، واستعمل العقل في المسائل، مثبنا مدى خضوعها للنظر والتوجيه والتعليل.
إنه أبو الفضل مسلم بن على الدمشقي المالكي من المركز العراقي، أحد تلاميذ علامتي بغداد الشهيرين أبي بكر الأبهري والقاضي عبد الوهاب
1 / 21