وَقَوْلُنَا هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي بِحَيْثُ يُوجَدُ، وَلَمْ نَقُلْ يُوجَبُ احْتِرَازٌ مِنْ صِيَغِ الْإِنْشَاءِ إذَا صَدَرَتْ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ فَاقِدِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنَّهَا فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَدْلُولُهَا، وَلَا تُوجِبُ حُكْمًا وَلَكِنْ ذَلِكَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا لَكِنَّهَا بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ تُوجَدُ مَدْلُولَاتُهَا فَلِذَلِكَ قُلْنَا بِحَيْثُ يُوجَدُ أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ أَوْ يُعَارِضُ مُعَارِضٌ وَقَوْلُنَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ احْتِرَازٌ مِنْ الْخَبَرِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ مَدْلُولَهُ فِي اعْتِقَادِ السَّامِعِ فَإِنَّ الْقَائِلَ إذَا قَالَ قَامَ زَيْدٌ أَفَادَنَا هَذَا الْقَوْلُ اعْتِقَادَ أَنَّهُ قَامَ، وَلَمْ يُفِدْ هَذَا الْقَوْلُ الْقِيَامَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ صِيَغِ الْإِنْشَاءِ فَإِنَّهَا تُفِيدُ مَدْلُولَاتِهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي اعْتِقَادِ السَّامِعِ فَصَارَتْ خَصِيصَتُهَا هِيَ الْإِفَادَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمَّا فِي اعْتِقَادِ السَّامِعِ فَهُوَ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَبَرِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ التَّمْيِيزُ، وَقَوْلُنَا أَوْ مُتَعَلِّقُهُ لِتَنْدَرِجَ الْإِنْشَاءَاتُ بِكَلَامِ النَّفْسِ فَإِنَّ كَلَامَ النَّفْسِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ وَلَا مَدْلُولَ، وَإِنَّمَا فِيهِ مُتَعَلِّقٌ وَمُتَعَلَّقٌ خَاصَّةً وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَسَائِلِ الْإِنْشَاءِ فَيَقَعُ الْفَرْقُ عَلَى هَذَا الْبَيَانِ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
لَمْ تَقْتَرِنْ بِهَا نِيَّةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ، وَإِلَّا فَقَوْلُ الْقَائِلِ لِزَوْجِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى وَجْهِ الْغَلَطِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ حَائِضٌ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ طَلَاقٌ فِي الْفَتْوَى، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ مُخْبِرًا بِأَنَّهَا طَالِقٌ فِي الْحَالِ إذَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا أَمْرَ آخَرَ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ الْأَمْرَ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْتِزَامِ مُقْتَضَيَاتِهَا فَذَلِكَ صَحِيحٌ، وَإِلَّا فَلَا أَدْرِي مَا أَرَادَ بِذَلِكَ، قَالَ وَقَوْلُنَا هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي بِحَيْثُ يُوجَدُ وَلَمْ نَقُلْ يُوجَبُ احْتِرَازٌ مِنْ صِيَغِ الْإِنْشَاءِ إذَا صَدَرَتْ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ فَاقِدِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنَّهَا فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَدْلُولُهَا، وَلَا تُوجِبُ حُكْمًا وَلَكِنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا، لَكِنَّهَا بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ تُوجِبُ مَدْلُولَاتِهَا فَلِذَلِكَ قُلْنَا بِحَيْثُ يُوجَدُ أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ أَوْ يُعَارِضُ مُعَارِضٌ قُلْت تَضَمَّنَ كَلَامُهُ هَذَا أَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ تُوجَدُ بِهَا مَدْلُولَاتُهَا لِذَاتِهَا مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ، وَمَا هُوَ ذَاتِيٌّ لَا يَصِحُّ أَنْ يَمْنَعَهُ مَانِعٌ فَكَلَامُهُ هَذَا ضَعِيفٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَتَحَرَّزَ بِذِكْرِ قَيْدِ صُدُورِ هَذِهِ الصِّيَغِ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ قَالَ شِهَابُ الدِّينِ.
(وَقَوْلُنَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ احْتِرَازٌ مِنْ الْخَبَرِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ ذَلِكَ فِي اعْتِقَادِ السَّامِعِ فَإِنَّ الْقَائِلَ إذَا قَالَ قَامَ زَيْدٌ أَفَادَنَا هَذَا الْقَوْلُ اعْتِقَادَ أَنَّهُ قَامَ، وَلَمْ يُفِدْ هَذَا الْقَوْلُ الْقِيَامَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ صِيَغِ الْإِنْشَاءِ فَإِنَّهَا تُفِيدُ مَدْلُولَتِهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي اعْتِقَادِ السَّامِعِ فَصَارَتْ خَصِيصَتُهَا هِيَ الْإِفَادَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، أَمَّا فِي اعْتِقَادِ السَّامِعِ فَهُوَ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَبَرِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ التَّمْيِيزُ) قُلْت هَذَا الِاحْتِرَازُ صَحِيحٌ وَمَا قَالَهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ كُلُّهُ مُسْتَقِيمٌ غَيْرَ قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ يُوجِبُ مَدْلُولَهُ فِي اعْتِقَادِ السَّامِعِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ إلَّا عِنْدَ اعْتِقَادِ السَّامِعِ صِدْقَ الْمُخْبِرِ.
وَأَمَّا عِنْدَ اعْتِقَادِهِ كَذِبَهُ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ قَالَ، وَقَوْلُنَا أَوْ مُتَعَلِّقَةِ لِتَنْدَرِجَ الْإِنْشَاءَاتُ بِكَلَامِ النَّفْسِ إلَى قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَسَائِلِ الْإِنْشَاءِ قُلْت يَلْزَمُ عَنْ قَوْلِهِ هَذَا أَنَّهُ جَمَعَ فِي الْحَدِّ بَيْنَ حَقِيقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَهُمَا الْقَوْلُ اللِّسَانِيُّ وَالْقَوْلُ النَّفْسَانِيُّ، وَذَلِكَ خَلَلٌ فِي الْحُدُودِ قَالَ (فَيَقَعُ الْفَرْقُ عَلَى هَذَا الْبَيَانِ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
وَالْكَافِرِ فِيهِ أَيْضًا لِإِلْجَاءِ ضَرُورَاتِ النَّاسِ إلَى تَجْوِيزِ ذَلِكَ مَعَ مَا اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الضَّرُورَةِ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَنُدْرَةِ التَّدْلِيسِ وَالْغَلَطِ فِي مِثْلِ هَذَا مَعَ شُهْرَتِهِ وَعَدَمِ الْمُسَامَحَةِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ الِاسْتِئْذَانُ وَالْهَدِيَّةُ.
وَحَادِيَ عَشَرَهَا خَبَرُ الْقَصَّابِ فِي الذَّكَاةِ هُوَ فِي مَعْنَى الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ فَصْلُ قَضَاءٍ، وَإِنَّمَا جَوَّزَ فِيهِ مَالِكٌ قَبُولَ خَبَرِ الْكِتَابِيِّ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ قَالَ مَالِكٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَصَّابِ فِي الذَّكَاةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا وَمَنْ مِثْلُهُ يَذْبَحُ اهـ لِإِلْجَاءِ الضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ لِلُزُومِ الْمَشَقَّةِ عِنْدَ عَدَمِ التَّجْوِيزِ مَعَ نُدُورِ الْخُلُوِّ عَنْ الْقَرَائِنِ الْمُحَصِّلَةِ لِلظَّنِّ كَمَا سَبَقَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهَا، فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَرْكَ الْقَصَّابِ وَمَا يَدَّعِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مِلْكِ مَا تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى تَكُونَ مِنْ قَبِيلِ قَاعِدَةِ: إنَّ كُلَّ أَحَدٍ مُؤْتَمَنٌ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَإِذَا قَالَ الْكَافِرُ هَذَا مَالِي أَوْ هَذَا الْعَبْدُ رَقِيقٌ لِي صُدِّقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا قَالَ هَذَا مِلْكِي أَوْ هَذِهِ أَمَتِي لَمْ نَعُدَّهُ رَاوِيًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَإِلَّا لَاشْتَرَطْنَا فِيهِ الْعَدَالَةَ وَلَا شَاهِدًا بَلْ نَقْبَلُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَفْسَقَ النَّاسِ بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا هَلْ يُسْتَبَاحُ أَكْلُهَا بِنَاءً عَلَى خَبَرِ الْقَصَّابِ بِتَذْكِيَتِهَا أَمْ لَا فَافْهَمْ قُلْت وَمِنْ قَبِيلِ قَوْلِ الْقَصَّابِ فِي الذَّكَاةِ قَوْلُ الْقُبْطَانِ وَنَحْوِهِ بِالْوَابُورِ فِي مُحَاذَاةِ الْحُجَّاجِ لِلْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَافِرًا عِنْدَ تَعَذُّرِ غَيْرِهِ لِإِلْجَاءِ الضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ إلَخْ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ فَانْظُرْهُ، وَثَانِيَ عَشَرَهَا الْخَبَرُ بِكَوْنِ الْأَرْضِ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا فَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَحْكَامُ الصُّلْحِ أَوْ أَحْكَامُ الْعَنْوَةِ مِنْ كَوْنِهَا طَلْقًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ وَقْفًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ الظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ شِبْهَ الرِّوَايَةِ لَا شِبْهَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْخَبَرِ عَنْ وُقُوعِ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ.
(تَتِمَّةٌ): فِي مُهِمَّيْنِ
(الْمُهِمُّ الْأَوَّلُ): إذَا تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَاتُ فِي الشَّهَادَةِ فَفِي قَبُولِ التَّرْجِيحِ بِالْعَدَالَةِ مُطْلَقًا ثَالِثُهَا فِي أَحْكَامِ الْأَمْوَالِ خَاصَّةً وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَقْوَالٌ لِأَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ
1 / 22