89

Fundamentals of Composition and Oratory

أصول الإنشاء والخطابة

Penyiasat

ياسر بن حامد المطيري

Penerbit

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٣ هـ

Lokasi Penerbit

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genre-genre

هذا وقد يجهل المتكلِّمُ في غرضٍ ضمائرَ الناس، ولا يَزِنُ مراتبَ عقولهم، فينبغي له أن يتفطَّن لِمَا يلوحُ عليهم من الانفعال، فيفاتحُهم بما يُثير انفعالَهم مِن أمورٍ صالحة لأغراض مختلفة، حتى يرى أَمْيَالَهم إلى أيَّةِ وِجْهَةٍ تُولِّي، فيعلم من أيِّ طريق يسلك إليها، ولا بد في هذه المُفَاتَحة من جَلْب التَّوْرِيَات والتَّوجيهات ونحوها، مما يمكن تأويلُه ويتيسَّرُ له عند إجفالِهم تحويلُه، حتى لا يَسترسِلَ في موضوعه فيعسُرَ عليه الرُّجوع إلى تعديله، وانظر ما قصَّه الله تعالى في كتابه الحكيم عن مؤمن آل فرعون: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾ فوَرَّى في اللَّوْمِ، أي كيف تفعلون هذا بِمَنْ يختارُ لنفسِه ربًّا. ﴿وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ وهذا ارتقاءٌ في الحُجَّةِ. ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ﴾ وهذا تزهيدٌ لهم في قتلِه، بتقديم احتمال الكذب ليظهر أنه قَصَد الإنصاف. ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ وهذا تحضيرٌ لنفوسهم إلى تَرَقُّبِ صدق مُعجِزَتِه ووعدِه. ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨)﴾ وهذا تَوْرِيَةٌ أيضًا، أي إنكم تنتظرون ما يتبيَّنُ من أَمْرِه، فإنَّ الله لا يُصدِّقُ الكاذبَ بخارِقِ العادة. ﴿يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا﴾ [غافر: ٢٩]

1 / 134