Fundamentals and Methods of Da'wah 3 - Al-Madinah International University
أصول الدعوة وطرقها ٣ - جامعة المدينة
Penerbit
جامعة المدينة العالمية
Genre-genre
وبعد موت أبي طالب بقليل من الأيام توفّيت زوج الرسول ﷺ خديجة بنت خويلد ﵂، أم المؤمنين، وسيدة نساء أهل الجنة في الجنة، وقد وقفت بجانب رسول الله ﷺ، وآمنت برسالته، بل هي أول من آمن من الناس بهذا الدين، وشدت من روْع رسول الله ﷺ، وواسته بمالها ورجاحة عقلها، تخفف ما يجد من عنت المشركين، وتهدئ من روعه، وهي تقول له وقد أخبرها أنه خائف على نفسه: "كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الدهر".
لقد حزن النبي ﷺ على فراق عمه أبي طالب؛ لما علمت من دفاعه عنه إذا اشتدت قريش في إيذائه، حتى قال: «ما نالت قريش مني شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب»، وحزن أيضًا في هذا العام حزنًا شديدًا لموت زوجه خديجة؛ حتى سمى هذا العام بعام الحزن، وكان ذلك في العام العاشر من البعثة.
لقد كان الرسول ﷺ كثير الذكر لها بعد موتها، يثني عليها، ويستغفر لها، حتى كان ذلك يؤجّج نار الغيرة في قلب عائشة ﵂، قالت عائشة ﵂: «كان رسول الله ﷺ إذا ذكر خديجة، لم يكد يسأم من ثناء عليها، واستغفار لها، فذكرها يومًا، فحملتني الغيرة، فقلت: لقد عوّضك الله عن كبيرة السن، قالت: فرأيته غضب غضبًا، سقطت في خلدي البال والقلب والنظرة وقلت في نفسي: اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء، فلمّا رأى النبي ﷺ ما لقيت قال: كيف قلت؟! والله لقد آمنت بي إذ كذَّبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورُزقت منها الولد وحرمتموه مني».
إن مما لا شك فيه أنَّ موت أبي طالب كان محزنًا للنبي ﷺ، وكان أشد حزنًا له موت زوجه خديجة ﵂؛ لما قدّمه أبو طالب وقدمته خديجة لرسول الله ﷺ،
1 / 146