إن الإنسان قطعة من الخلق ما أعجبها! ما أنبله في الفكر! وما أوسع آفاقه في الملكات والمواهب والكيان والحركة! وما أمضاه وأحقه بالإعجاب في العمل، وما أشبهه بالملك في القريحة! ما أقربه إلى صورة الأرباب! إنه لجمال الدنيا والقدوة المثلى في عالم الأحياء!
وقد أصاب النقاد الذين خصوا الشاعر مارلو “Marlowe”
بالتنويه في تعبيره عن ذلك العصر الطامح إلى القوة والبسطة في كل شعبة من شعب الحياة؛ لأنه في الواقع قد تناول جوانب القوة الإنسانية جميعا، فوزعها جانبا جانبا على رواياته الثلاث، وهي تيمور وفوست واليهودي من مالطة.
فالقوة في تيمور هي قوة الملك والسلطان، حيث يقول بلغة الوثنية: «إن الأرباب في السماء ليس لها من المجد ما للملك على الأرض، وليس من حظها في عليين أن تنعم بمسرات الملوك على هذه الغبراء، إنهم يلبسون التاج المرصع باللؤلؤ والنضار، الذي تناط به الحياة والموت، وإنهم ليسألون ويأخذون، وإنهم ليأمرون ويطاعون!»
والقوة في فوست هي قوة السيطرة على عناصر الطبيعة بالسحر، والمعرفة، ومحالفة الشيطان، وهو القائل: «أية دنيا من الغنم والمسرة، ومن القوة والشرف والعظمة، موعودة للباحث العليم! كل هذا الذي يتحرك بين القطبين الساكنين سيصبح رهينا بأمري، وإنما يطاع العواهل والملوك في دولهم وأقطارهم ولا قبل لهم فيها بإرسال الريح أو شق السحاب، ولكن السلطان الذي يملكه الحاذق بهذه الفنون ينبسط إلى حيث يمتد عقل الإنسان.»
والقوة في اليهودي من مالطة هي قوة الرجل الذي يفعل الأعاجيب بماله، ويقبض على أعنة الحوادث برشوة نضاره وجوهره ولجينه، وما من قوة تتاح للمخلوق الآدمي في هذه الدنيا وراء هذه القوى الثلاث: قوة الملك وقوة المعرفة وقوة المال، اللهم إلا قوة الجمال وليس هو بالذي ينال بالسعي والتحصيل.
وظاهر من هذا وأشباهه أن العقل البشري لم ينطلق من عقاله في ذلك العصر العجيب؛ ليطلب المعرفة في الأوراق أو يستحيل إلى دودة من ديدان الكتب، كما يكني الأوروبيون عن طلاب المعرفة، الذين يعتزلون الحياة ويعيشون ويموتون بين الشروح والمتون.
كلا! إنما انطلق العقل البشري من عقاله في ذلك العصر العجيب؛ ليقبل على كل مجهول وينعم بكل متعة، وينهل ويعل من كل مورد، ويفكر ليعيش ويعيش ليفكر على السواء.
فكان معيبا على الباحث الدارس في ذلك العصر أن يغشى المجامع، ولا يشارك الناس في الرقص والعزف والغناء وسائر ما يتعاطاه الخاصة والعامة من الملاهي والأسمار، وفي الثالوث الروائي المعروف بالعودة من برناسس
The Return form
Halaman tidak diketahui