الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام
الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام
Penerbit
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
Genre-genre
وإذا كان أدب العلاقة مع الخلق له هذه الأهمية، فما بالك بأدب العلاقة مع الخالق .. إنك لو حصرت الحياة البشرية الكاملة بأدبين أدب العلاقة مع الخالق وأدب العلاقة مع الخلق لم تعدَّ.
وأدب العلاقة مع الخالق يقتضي أدب العلاقة مع الخلق فكلما كملت العلاقة الأولى كملت الثانية.
وأدب العلاقة مع الخالق ينحصر بالإيمان والفعل والترك: فالإيمان بالوحي وترك المحرمات والمكروهات وفعل الواجبات والسنن والآداب والأريحيات والمروءات من مقتضى حسن التعامل مع الله ﷿.
وليس هناك في أدب العلاقات مع الخلق أعظم من القيام بحق الوالدين وحق العلماء والأولياء والمربين ثم الأرحام والجوار والأصحاب.
وفي أدب العلاقات نجد كيف كان رسول الله ﷺ يتألف الخلق جميعًا حتى استخرج النفاق من قلوب أكثرية المنافقين، وكيف استخرج أحقادًا وعداوات من قلوب موتورين حتى أصبح أحب إليهم من أبكارهم .. وكيف كان يضع الحزم في محله واللين في محله، وكان يغلب عليه اللين ويكفي أن الله أدبه بقوله: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ (١).
لقد كان ليّن الكلمة، رحيم القلب، حريصًا على المؤمنين، يعفو ويصفح، ويستغفر لذنوبهم، ويشاورهم، فأي أدب في العالم أرفع من هذا الأدب، إن إحياء آداب النبوة وسياستها من أهم ما يطالب به المسلم على مدى العصور وذلك لا يطيقه إلا من اجتمع له علم وذكر وما ذلك إلا لدقة الأدب، انظر إلى أدبه ﵊ في الإنصات:
﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ (٢)
_________
(١) آل عمران: ١٥٩.
(٢) التوبة: ٦١.
1 / 49