Fisal Dalam Sekte dan Faksi
الفصل في الملل والأهواء والنحل
Penerbit
مكتبة الخانجي
Lokasi Penerbit
القاهرة
أبنا بحول الله فَسَاده وَالْآخر قالته الْمُعْتَزلَة وَهُوَ أَن مَعْنَاهُ استولى وأنشدوا قد اسْتَوَى بشر على الْعرَاق
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا فَاسد لِأَنَّهُ لَو كَانَ ذَلِك لما كَانَ الْعَرْش أولى بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ من سَائِر الْمَخْلُوقَات ولجاز لنا أَن نقُول الرَّحْمَن على الأَرْض اسْتَوَى لِأَنَّهُ تَعَالَى مستولٍ عَلَيْهَا وعَلى كل مَا خلق وَهَذَا لَا يَقُوله أحد فَصَارَ هَذَا القَوْل دَعْوَى مُجَرّدَة بِلَا دَلِيل فَسقط وَقَالَ بعض أَصْحَاب بن كلاب أَن الاسْتوَاء صفة ذَات وَمَعْنَاهُ نفي الاعوجاج
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا القَوْل فِي غَايَة الْفساد لوجوه أَحدهَا أَنه تَعَالَى لم يسم نَفسه مستويًا وَلَا يحل لأحد أَن يسم الله تَعَالَى بِمَا لم يسم بِهِ نَفسه لِأَن من فعل ذَلِك فقد ألحد فِي أَسْمَائِهِ حُدُود الله أَي مَال عَن الْحق وَقد حد الله تَعَالَى فِي تَسْمِيَته حدودًا فَقَالَ تَعَالَى ﴿وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فقد ظلم نَفسه﴾ وَثَانِيها أَن الْأمة مجمعة على أَنه لَا يَدْعُو أحد فَيَقُول يَا مستوي ارْحَمْنِي وَلَا يُسَمِّي ابْنه عبد المستوي وَثَالِثهَا أَنه لَيْسَ كل مَا نفي عَن الله ﷿ وَجب أَن يُوقع عَلَيْهِ ضِدّه لأننا ننفي عَن الله تَعَالَى السّكُون وَلَا يحل أَن يُسمى الله متحركًا وننفي عَنهُ الْحَرَكَة وَلَا يجوز أَن يُسمى سَاكِنا وننفي عَنهُ الْجِسْم وَلَا يجوز أَن يُسمى سَاكِنا وَنفي عَنهُ النّوم وَلَا يجوز أَن يُسمى يقظانًا وَلَا منتبهًا وَلَا أَن يُسمى لنفي الانحناء عَنهُ مُسْتَقِيمًا وَكَذَلِكَ كل صفة لم يَأْتِ بهَا النَّص فَكَذَلِك الاسْتوَاء والاعوجاج منفيان عَنهُ مَعًا ﷾ وَتَعَالَى الله عَن ذَلِك لِأَن كل ذَلِك من صِفَات الْأَجْسَام وَمن جملَة الْإِعْرَاض وَالله قد تَعَالَى عَن الْأَعْرَاض وَرَابِعهَا أَنه يلْزم من قَالَ بِهَذَا القَوْل الْفَاسِد أَن يكون الْعَرْش لم يزل تَعَالَى الله عَن ذَلِك لِأَنَّهُ تَعَالَى علق الاسْتوَاء بالعرش فَلَو كَانَ الاسْتوَاء لم يزل لَكَانَ الْعَرْش لم يزل وَهَذَا كفر وخامسها أَنه لَو كَانَ الاسْتوَاء هَهُنَا نفي الاعوجاج لم يكن لإضافة ذَلِك إِلَى الْعَرْش معنى ولكان كلَاما فَاسِدا لاوجه لَهُ فَإِن اعْترضُوا فَقَالُوا إِنَّكُم تسمونه سميعًا بَصيرًا وَأَنه لم يزل كَذَلِك فيلزمكم على هَذَا أَن المسموعات والمبصرات لم تزل قُلْنَا لَهُم وَبِاللَّهِ تَعَالَى نتأيد هَذَا لَا يلْزمنَا لأننا لَا نسمي الله ﷿ إِلَّا بِمَا سمى بِهِ نَفسه فَنَقُول قَالَ الله تَعَالَى السَّمِيع الْبَصِير فَقُلْنَا بذلك أَنه لم يزل وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير بِذَاتِهِ كَمَا هُوَ وَلَا نقُول لَا يسمع وَلَا يبصر فنزيد على مَا أَتَى بِهِ النَّص شَيْئا وَنحن نقُول أَنه تَعَالَى لم يزل سمعيا للمسموعات بَصيرًا بالمبصرات يرى المرئيات وَيسمع المسموعات وَمعنى هَذَا كُله أَنه عَالم بِكُل ذَلِك كَمَا قَالَ الله تَعَالَى إِنَّنِي مَعَكُمَا أسمع وَأرى
وَهَذَا كُله معنى الْعلم الَّذِي لَا يَقْتَضِي وجود المعلومات لم تزل لَكِن يعلم مَا يكون أَنه سَيكون على حَقِيقَته وَيعلم مَا هُوَ كَمَا هُوَ وَيعلم مَا قد كَانَ كَمَا قد كَانَ وَهَذَا نجده حسا ومشاهدة وضرورة لأننا فِيمَا بَيْننَا قد نعلم أَن زيدا سيموت وَمَوته لم يَقع وَلَيْسَ هَكَذَا قَوْلهم فِي الاسْتوَاء لِأَنَّهُ مُرْتَبِط بالعرش فَإِن قَالُوا لنا فَإِذن معنى سميع بَصِير هُوَ بعد
2 / 97