Fiqh
الفقه للمرتضى محمد
Genre-genre
[تفسير قوله: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه...}الآية] وسألتم عن قول الله سبحانه: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه}[البقرة:203] وما معنى ذكر الإثم في ما قد أباح؟
قال محمد بن يحيى عليه السلام: إن الله عز وجل لما أطلق للحاج النفر في اليومين الذي ذكر حين يقول: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} كان هذا وقتا قد أباح الله عز وجل فيه النفر وأجازه، ثم قال: {ومن تأخر فلا إثم عليه} يريد من تأخر عن النفر الأول الذي قد أطلق له فيه النفر، والتأخر فهو النفر الثاني فصار هاهنا نفران قد أطلق فيهما النفر، فلما أن كانا وقتين قد أباح الله عز وجل النفر فيهما قال: {فمن تعجل} في هذين اليومين قد أبحت ذلك له وهو مصيب، فلما أن أجاز النفر في هذين اليومين وهو النفر الأول كان أمرا منه لهم بذلك وإطلاقا، ولو لم يكن ذكر(1) النفر المتأخر لجعل النفر الأول الواجب الذي لا يجوز التخلف عنه، ولو ذكر النفر الآخر ولم يذكر الأول لم يجز لأحد أن ينفر دونه، فلما أن كان له سبحانه في النفر حكمان أول وآخر قال: {فمن تعجل في يومين} من قبل النفر الآخر فهو جائز له وغير مأثوم، ومن تأخر عن هذا الأمر الأول ونفر في النفر الآخر فهو مباح في ذلك غير محظور عليه، فلما أمر عز وجل بالنفرين جعلهما نفرين أول وثاني، فلو ذكر الثاني ولم يذكر الأول لحرم على الناس النفر في الأول، ولو ذكر الأول وأغفل الثاني لوجب النفر في الأول، فلما أن ذكرهما عز وجل وأمر بهما صار حدا النفر [636] وأبيحوا فيهما المضي، فقال سبحانه: {فمن تعجل في يومين} فقد أبحت ذلك له {ومن تأخر} من بعد ما أطلقت من النفر الأول فغير محظور عليه، فصار الأمر فيهما مباحا لا محظورا؛ إذ جعلهما وقتا ولم يحظر في أحدهما أمرا دون الآخر، ولو كان حظر لوجب النفر فيه بحظر الله له،
Halaman 149