Fiqh Principles: Authenticity and Guidance

Muhammad Hassan Abdul Ghafar d. Unknown
80

Fiqh Principles: Authenticity and Guidance

القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه

Genre-genre

تطبيق القاعدة على صلاة المنفرد خلف الصف ومن أهم الصور لهذه المسألة، صورة مهمة جدًا، وهي صلاة المرء منفردًا خلف الصف، فهذه المسألة تطبق عليها قاعدة لا واجب مع عذر. قال النبي ﷺ (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، واختلف العلماء في ذلك اختلافًا عظيمًا: فالجماهير يرون أن الصلاة خلف الصف على الكراهة وليست على التحريم، ومنهم: الشافعي، فهو يستدل على صرف النهي من التحريم إلى الكراهة، بحديث أنس -لما فرش الحصير الذي اسود وبله بالماء-: أن النبي ﷺ صلى بهم، فـ أنس صف خلفهم وصف معه الغلام، وصفت المرأة خلفهم منفردة، فقال: لو كانت المسألة على التحريم لصفت المرأة في جانب الرجال، ففي هذا دلالة على صحة صلاة المنفرد خلف الصف. وأيضًا استدلوا بحديث أبي بكرة: أنه دخل المسجد فكبر، فحين تكبيره كان منفردًاِ خلف الصف، ثم مشى إلى الصف، والنبي ﷺ لم ينهه عن ذلك، ففي ذلك دلالة على أن صلاة المنفرد خلف الصف على الكراهة لا على التحريم. وعند ابن حزم -وهو قول لبعض الحنابلة-: أن الصلاة تبطل. والراجح الصحيح الذي لا نحيد عنه، خروجًا عن المذهب: أن من صلى خلف الصف منفردًا فإن صلاته باطلة؛ لأن النهي هنا للتحريم، فيحرم على المنفرد الصلاة خلف الصف. والمصلي خلف الصف منفردًا له أحوال كالتالي: الحالة الأولى: أن يجد فرجة في الصف، فيتركه ويصلي منفردًا في الصف الذي يليه؛ لأنه لا يريد أن يصلي بجوار فقير أو من له رائحة كريهة. الحالة الثانية: إذا صلى في الصف ازداد جرحه أو مرضه، فصلى خلف الصف من أجل المرض. الحالة الثالثة: بحث في الصفوف ونظر فلم يجد فرجة، فصلى خلف الصف. فنحن رجحنا: أن النهي عن الصلاة خلف الصف منفردًا تكون حرامًا، والصلاة تكون باطلة. أما الحالة الأولى: فالرجل الذي صلى خلف الصف منفردًا، ووجد الفرجة ولعلة من العلل لم يدخل فيها، فهذا وجب عليه إعادة الصلاة؛ لأن صلاته باطلة؛ فقد نهى النبي ﷺ عن ذلك، ومطلق النهي يقتضي الفساد، وهذا الرجل ليس معذورًا؛ ولأن النبي ﷺ قال: (سدوا الفرج، فمن سد الفرجة رفعه الله بها درجة وحط عنه خطيئة، وبنى له بها قصرًا أو بيتًا في الجنة). فقاعدة لا واجب مع العذر لا تطبق هنا. الحالة الثانية: الرجل المريض الذي لا يستطيع أن يكون بقرب أحد، فصلى منفردًا، قال بعض العلماء: صلاته على الكراهة، أي: صحيحة لكنها ناقصة، وقلنا: هذا القول مرجوح، والراجح الصحيح: أن صلاته باطلة؛ لأنه صلى منفردًا خلف الصف، وكان باستطاعته أن يصلي بجانب الإمام. الحالة الثالثة: الرجل الذي لم يجد فرجة، ولا فتحة يصل منها إلى الإمام، فصلى منفردًا خلف الصف، وكان باستطاعته أن يجذب رجلًا ويصلي معه فلا يكون منفردًا، والدليل على ذلك حديث النبي ﷺ أنه من دخل المسجد فما وجد فرجة في الصف فعليه أن يجذب رجلًا فيصلي بجواره حتى لا يقع في النهي، لكن هذا الحديث ضعيف والحجة في الصحاح، فما دام وأنه لم يجد فرجة ولا فتحة يذهب منها للإمام فصلاته صحيحة، والدليل على ذلك من الأثر ومن النظر: أما الأثر: فقال الله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق:٧]، وقال الله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة:٢٨٦]، وقال الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:١٦]. وأما النظر فالقاعدة عند العلماء: لا واجب مع العذر، فالواجب عليه: أن يسد الفرجة، والعذر: أنه لم يستطع ذلك، فصلى منفردًا خلف الصف، فالعذر هنا منع من التحريم أو منع من الإثم، ومنع أيضًا من بطلان الصلاة، فصحت الصلاة.

9 / 12