130

Fiqh of Worship by al-Uthaymeen

فقه العبادات للعثيمين

Genre-genre

السؤال (٢١٦): فضيلة الشيخ، لكن ما حكم الإحرام بالحج قبل دخول هذه المواقيت الزمانية؟
الجواب: اختلف العلماء ﵏ في الإحرام بالحج قبل دخول أشهر الحج:
فمن العلماء من قال: إن الإحرام بالحج قبل أشهره ينعقد ويبقى محرما بالحج؛ إلا أنه يكره أن يحرم بالحج قبل دخول أشهره.
ومن العلماء من قال: إن من يحرم بالحج قبل أشهره، فإنه لا ينعقد، ويكون عمرة، أي يتحول إلى عمرة؛ لأن العمرة كما قال النبي ﵊: «دخلت في الحج» (١)، وسماها النبي ﷺ: الحج الأصغر؛ كما في حديث عمرو بن حزم المرسل المشهور (٢)، الذي تلقاه الناس بالقبول.
بيان مواقيت الحج المكانية

(١) جزء من حديث جابر الطويل في وصف حجة النبي صلي الله عليه وسلم، أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي صلي الله عليه وسلم، رقم (١٢١٨)
(٢) أخرجه الدارقطني في سننه (٢/٢٨٥) رقم (٢٢٢)، والبيهقي في «السنن» (٤/٣٥٢)
السؤال (٢١٧): فضيلة الشيخ، عرفنا مواقيت الحج الزمانية، فما هي مواقيت الحج المكانية؟
الجواب: المواقيت المكانية خمسة: وهي ذو الحليفة، والجحفة، ويلملم، وقرن المنازل، وذات عرق.
أما ذو الحليفة: فهي المكان المسمى الآن بأبيار علي، وهي قريبة من المدينة، وتبعد عن مكة بنحو عشر مراحل، وهي ابعد المواقيت عن مكة، وهي لأهل المدينة، ولمن مر به من غير أهل المدينة.
وأما الجحفة: فهي قرية قديمة في طريق أهل الشام إلى مكة، وبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل، وقد خربت القرية، وصار الناس يحرمون بدلا منها من رابغ.
وأما يلملم: فهو جبل أو مكان في طريق أهل اليمن إلى مكة، ويسمى اليوم: السعدية، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين.
وأما قرن المنازل: فهو جبل في طريق أهل نجد إلى مكة، يسمى الآن: السيل الكبير، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين.
وأما ذات عرق: فهي مكان في طريق أهل العراق إلى مكة، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين أيضا.
فأما الأربعة الأولى: وهي ذو الحليفة، والجحفة، ويلملم، وقرن المنازل، فقد وقتها النبي ﷺ، وأما ذات عرق، فقد وقَّتها النبي ﷺ كما رواه أهل السنن من حديث عائشة ﵂، وصح عن عمر ﵁ أنه وقتها لأهل الكوفة والبصرة حين جاءوا إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن النبي ﷺ وقت لأهل نجد قرنًا، وإنها جور عن طريقنا، فقال عمر ﵁: انظروا إلى حذوها من طريقكم (١) .
فعلى كل حال: فإن ثبت ذلك عن رسول الله ﷺ فالأمر ظاهر، وإن لم يثبت، فإن هذا ثبت بسنة عمر بن الخطاب ﵁، وهو أحد الخلفاء الراشدين المهديين الذين أمرنا باتباعهم، والذي جرت موافقاته لحكم الله ﷿ في عدة مواضع، ومنها هذا إذا صحَّ عن النبي ﵊ أنه وقتها، وهو أيضا مقتضى القياس؛ فإن الإنسان إذا مر بميقات لزمه الإحرام منه، فإذا حاذاه صار كالمار به.
وفي أثر عمر ﵁ فائدة عظيمة في وقتنا هذا، وهو أن الإنسان إذا كان قادما إلى مكة بالطائرة يريد الحج أو العمرة، فإنه يلزمه إذا حاذى الميقات من فوقه أن يحرم منه عند محاذاته، ولا يحل له تأخير الإحرام إلى أن يصل جدة كما يفعله كثير من الناس؛ فإن المحاذاة لا فرق بين أن تكون في البر، أو في الجو، أو في البحر؛ ولهذا يحرم أهل البواخر التي تمر من طريق البحر فتحاذي يلملم، أو رابغا، إذا حاذوا هذين الميقاتين.
حكم الإحرام بالحج قبل المواقيت المكانية

(١) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب ذات عرق لأهل العراق، رقم (١٥٣١)

1 / 270