Fiqh of Fasting and Hajj from Dalil al-Talib
فقه الصيام والحج من دليل الطالب
Genre-genre
حكم إفراد السبت بالصيام
قال: [والسبت] يعني: يُكره إفراد السبت، واستدلوا بما روى أبو داود والترمذي أن النبي ﷺ قال: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة أو عود عنبة فليمضغها) هذا الحديث استدل به من يرى كراهة إفراد يوم السبت (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم)، وذهب بعض العلماء من المتأخرين إلى أن يوم السبت لا يجوز صيامه مطلقًا إلا في الفريضة، والأكثر على أنه لا يُكره إفراد صومه.
إذًا: عندنا ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يُكره أن يفرده، والثاني: أنه لا يجوز صيامه إلا في الفريضة، والثالث: أنه لا يُكره إفراده كغيره من الأيام، وهذا هو الراجح، أما هذا الحديث (لا تصوموا يوم السبت) فقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الحديث إما شاذ أو منسوخ، وهذا هو الصواب، وقد قال بالنسخ الإمام أبو داود، ومعنى (منسوخ): رُفع حكمه، قال ذلك أبو داود، والحديث قال فيه الأثرم ﵀: جاء هذا الحديث وجاءت الأحاديث كلها بخلافه، يعني: هو شاذ، ولذا ضعّفه يحيى بن سعيد والزهري والإمام مالك والنسائي وشيخ الإسلام ابن تيمية، بل قال الإمام مالك ﵀: هو كذب، وعلى ذلك فالحديث شاذ لا يصح؛ لأنه يخالف الأحاديث الأخرى، فهو حديث شاذ، فالصحيح أن إفراد يوم السبت بالصيام لا يُكره، فإن قيل: إن يوم السبت تعظّمه يهود فنقول: ويوم الأحد تعظّمه النصارى، وقد جاء في مسند أحمد بإسناد لا بأس به أن النبي ﵊ كان يصوم يوم السبت والأحد ويقول ﵊: (هذان يومان تعظمهما اليهود والنصارى فأُحب أن أصومهما) (تعظّمهما) يعني: فيفطرون فيهما كما نُفطر نحن في الجمعة، لا يعظمونهما بالصيام وإنما يعظمونهما بالفطر؛ لأنهما يوما عيد بالنسبة لليهود والنصارى.
إذًا: الخلاصة أن إفراد السبت لا يُكره، وأما حديث (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) فشاذ ضعيف، وهذا هو قول الأكثر.
9 / 5