Fiqh al-Seerah by Al-Ghazali
فقه السيرة للغزالي
Penerbit
دار القلم
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٢٧ هـ
Lokasi Penerbit
دمشق
Genre-genre
إن محمدا وصحبه تعلّموا وعملوا، وخاصموا وسالموا، وانتصروا وانهزموا، ومدّوا شعاع دعوتهم إلى الافاق، وهم على كل شبر من الأرض يكافحون، لم ينخرم لهم قانون من قوانين الأرض، ولم تلن لهم سنة من سنن الحياة، بل إنهم تعبوا أكثر مما تعب أعداؤهم، وحملوا المغارم الباهظة في سبيل ربهم؛ فكانوا في ميدان تنازع البقاء أولى بالرسوخ والتمكين.
وقد لقّنهم الله ﷿ هذه الدروس الحازمة حتى لا يتوقّعوا محاباة من القدر في أيّ صدام، وإن كانوا أحصف رأيا من أن يتوقعوا هذا «١» .
قال الله لرسول ﷺ: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء: ١٠٢] .
فانظر: كيف يكلّفون- وهم في الصلاة وبين يدي الله- بأشدّ الحذر والانتباه! إن الله لم يدع أملا يخامر أنفسهم بأن الملائكة سوف تنزل لعونهم! إن لم يخدموا أنفسهم فلن يخدمهم أحد! ذلك هو خطاب الله لمحمد ﷺ وصحبه.
وعند ما ذهل المسلمون عن هذا الدرس في غزوة (أحد)؛ لطموا لطمة موجعة جندلت من أبطالهم سبعين، وأمضّهم خزي الهزيمة، فوقف زعيم الكفر يومئذ- أبو سفيان- يقول: اعل هبل ...
وأبلى النبي ﵊ بلاء شديدا لينقذ الموقف، وقاتل وقتل، وأصيب في نفسه.
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ يوم أحد: «اشتدّ غضب الله على قوم فعلوا بنبيّه هكذا- ويشير إلى رباعيته-، اشتدّ غضب الله على رجل يقتله
_________
(١) الكرامة كأصل ثابتة بالكتاب والسنّة، كما حصل لأصحاب الكهف، وعزير وغيرهم، أما ما يحكيه بعض المتصوفة من كرامات تنسب لشيوخهم كالتي قصّ كثيرا منها الشعراني في طبقاته، فهذه ينطبق عليها قول الشيخ الغزالي. (ن) .
1 / 50