196

Fiqh al-Seerah by Al-Ghazali

فقه السيرة للغزالي

Penerbit

دار القلم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٧ هـ

Lokasi Penerbit

دمشق

Genre-genre

عليه- قد يردف ذلك بوخزات توقظ الإحسان المخدّر؛ ليلتفت ويعقل، لا لينكمش ويجبن.
قال ﵎: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطامًا إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢١) [الزمر] .
ويقول بعد ذلك:
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٢) [الزمر] .
وقد سلك رسول الله ﷺ المنهج نفسه في غرس الإيمان ورعاية ثماره.
وكانت سيرته في الإقبال على الله درسا حيّا، يفعم الأفئدة بإجلال الله وإعظامه، والمسارعة إلى طاعته، والنفور من عصيانه.
وكانت القلوب تتفتّح على هدى الله ورسوله، فما تسع بعده شيئا.
عن جبير بن مطعم: سمعت النبيّ ﵊ يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ الاية:
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) [الطور] .
كاد قلبي أن يطير..!! «١» .
ومدّ الإيمان من فكرة في الرأس إلى عاطفة في القلب تجعل الرجل ينبض باليقين والإخلاص هو من صميم السنّة، وهو مهاد الخلال الفاضلة التي سادت المسلمين وأعلت شأنهم، وهو معنى الحديث المشهور: «ثلاث من كنّ فيه وجد بهنّ طعم الإيمان: من كان الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما، ومن أحبّ عبدا لا يحبّه إلا لله، ومن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النّار» «٢» .
ومن ذلك أيضا أن يتغلغل الإيمان بالرسالة والمغالاة بصاحبها إلى حدّ

(١) حديث صحيح، أخرجه البخاري: ٩/ ٤٨٩، من حديث جبير بن مطعم.
(٢) حديث صحيح، أخرجه البخاري: ١/ ٥١- ٥٢؛ ومسلم ١/ ٤٨، وغيرهما من حديث أنس.

1 / 207