Fiqh al-Da'wah in Sahih al-Bukhari
فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري
Penerbit
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٢١ هـ
Genre-genre
ثالثا: من صفات الداعية: السرور بانتصار الإسلام: دل هذا الحديث على أن الداعية الصادق هو الذي يفرح بظهور الإسلام وانتصار أهله؛ ولهذا بين الإمام النووي، والكرماني، وابن حجر ﵏ أن ضحكه ﷺ في هذا الحديث كان فرحا وسرورا؛ بكون أمته تبقى بعده متظاهرة بأمور الإسلام قائمة بالجهاد حتى في البحر، ممتثلة لأمره ﷺ بجهاد العدو (١).
والفرح والسرور بفضل الله تعالى وبتوفيقه مرغوب فيه ومحبوب إلى الله تعالى؛ ولهذا قال سبحانه: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: ٥٨] (٢).
رابعا: من أعلام النبوة: إخبار النبي ﷺ بالمغيبات: إن من الدلائل الواضحات والبينات القاطعات، والحجج الدامغات التي تدل على صدق نبوة محمد ﷺ ما أخبر به من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله تعالى، وأوحى بها إلى نبيه ﷺ، وهي كثيرة جدا (٣) ومنها ما لم يقع فأخبر ﷺ بها ووقعت كما أخبر، فدل ذلك على أن محمدا رسول الله ﷺ، وأن ما جاء به من عند الله حق. قال الله ﷾: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا - إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾ [الجن: ٢٦ - ٢٧] (٤) ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ١٧٩] (٥).
وقد دل هذا الحديث على بعض هذه الأمور التي تدل على صدقه ﷺ، وصحة نبوته، قال الإمام النووي وغيره من أهل العلم ﵏: " وفيه معجزات للنبي ﷺ، منها: إخباره ببقاء أمته بعده، وأنه تكون لهم شوكة وقوة وعدد، وأنهم يغزون، وأنهم يركبون البحر، وأن أمَّ حرام تعيش إلى ذلك
(١) انظر: عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي، لابن العربي، ٤/ ١٣٠، وشرح النووي على صحيح مسلم، ١٣/ ٦٢، وإكمال إكمال المعلم للأبي، ٦/ ٦٦٥، وشرح الكرماني على صحيح البخاري، ١٢/ ٩٨، وفتح الباري لابن حجر، ١١/ ٧٧.
(٢) سورة يونس، الآية: ٥٨.
(٣) انظر: جامع الأصول لابن الأثير ١١/ ٣١١ - ٣٣١.
(٤) سورة الجن، الآيتان: ٢٦ - ٢٧.
(٥) سورة آل عمران، الآية: ١٧٩.
1 / 175