Fiqh According to the Four Schools
الفقه على المذاهب الأربعة
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Lokasi Penerbit
بيروت - لبنان
Genre-genre
الثانية: أن يسأل ثقة عالمًا بالقبلة، بحيث يعرف أن الكعبة موجودة في هذه الجهة، وقد عرفت أن سؤال الثقة إنما يكون عندالعجز عن معرفتها بنفسه طبعًا وإلا فلا يصح له السؤال، ويقوم مقام الثقة بيت الإبرة - البوصلة - ونحوها من الآلات التي يمكن أن يعرف بها القبلة، كنجم القطب، والشمس، والقمر، والمحاريب الموجودة في بلد كبير من بلاد المسلمين، أو موجودة في بلد صغير، لكن يصلي إليه كثير من الناس. والحاصل أن المرتبة الثانية من مراتب معرفة القبلة تشتمل على سؤال الثقة، أو بيت الإبرة أو القطب، أو المحاريب، سواء كانت محاريب المساجد القديمة التي وضعها الصحابة والتابعون أو غيرها من المحاريب التي تكثر الصلاة إليها، أما المحاريب التي توجد في المصلى الصغير التي يستعملها بعض الناس في الطرق والمزارع ونحوهما، فإنها لا تعتبر، المرتبة الثانية: الاجتهاد، والاجتهاد لا يصح الا إذا لم يجد ثقة يسأله، أو لم يجد وسيلة من الوسائل التي يعرف بها القبلة، أو لم يجد محرابًا في مسجد كبير أو في مسجد صغير مطروق من الناس، فإذا فقد كل ذلك، فإنه يجتهد، وما يؤديه إليه اجتهاده يكون قبلته. ولو اجتهد للظهر مثلًا، ثم نسي الجهة التي اجتهد إليها في العصر، فإنه يجدد الاجتهاد ثانيًا، المرتبة الرابعة: تقليد المجتهد، بمعنى أنه إذا لم يستطع أن يعرف القبلة بسؤال الثقة ولا بمحراب ولا بغيره، فإن له أن يقلد شخصًا اجتهد في معرفة القبلة وصلى إلى جهتها. فهو يصلي مثله. وبهذا تعلم أن الشافعية خالفوا المالكية، والحنفية في المحاريب الموجودة في المساجد التي بناها الصحابة والتابعون، فإن المالكية جعلوا بعضها عمدة لا يجوز أن تستعمل وسيلة أخرى مع وجوده، والحنفية جعلوها كلها عمدة، أما الشافعية فقد قالوا: إن المحاريب كلها في مرتبة الوسائل الأخرى التي يمكن أن تعرف بها القبلة، كبيت الإبرة والقطب؛ ونحو ذلك واتفقوا مع الحنفية في الترتيب، فقالوا: إنه إذا جهل القبلة، فإنه يجب عليه أن يسأل، فإذا لم يجد من يسأله فإنه يجب عليه أن يجتهد، الا أن الشافعية زادوا عن الحنفية مرتبة أخرى، وهي تقليد المجتهد. الحنابلة قالوا: إذا جهل الشخص جهة القبلة، فإن كان في بلدة بها محاريب بناها المسلمون - علامة تدل على القبلة - فإنه يجب عليه أن يتجه إليها متى علم أنها في مسجد عمله المسلمون، ولا يجوز له مخالفتها على أي حال، بل لا يجوز له الانحراف عنها. وإن وجد محرابًا في بلدة خراب، كالجهات التي بها آثار قديمة؛ فإنه لا يجوز له أن يتبعه، الا إذا تحقق أن من آثار مسجد تهدم بناه المسلمون، فإن لم يجد محاريب لزمه السؤال عن القبلة، ولو بقرع الأبواب، والبحث عمن يدله، ولا يعتمد الا على العدل، سواء كان رجلًا أو امرأة أو عبدًا، ثم إن المخبر إن كان عالمًا بالقبلة يقينًا فإنه يجب العمل بإخباره. ولا يجوز له أن يجتهد، وإن كان يعرفها بطريق الظن، فإن كان عالمًا، بأدلتها، فإنه يفترض تقليده، بشرط أن يكون الوقت ضيقًا لا يسع البحث؛ وإلا لزمه التعلم والعمل باجتهاده، فإذا كان في سفر، ولم يجد أحدًا، فإن كان عالمًا بأدلة القبلة، فإنه يفترض عليه أن يبحث عنها بالأدلة، ويجتهد
1 / 181