فسأله: «هل جئت به؟ أعنى..».
قال: «لا يابك.. سأجىء به حالا».
ومضى عنا فصفقت أنا وطلبت ما طاب لى، فمال على الخادم وهمس فى أذنى: «إذا سمحت لى يابك فإن اسمى عبده، ولكن البك ينسانى ويطلق على كل يوم اسما جديدا».
وسألنى الشيخ المسكين بعد أن ذهب الخادم: «ماذا يريد هذا الرجل»؟ قلت: «لا شىء.. كان يقول إن اسمه عبده لا خليل». قال: «من هو»؟
قلت: «الخادم». قال: «ماله؟». قلت: «اسمه عبده». قال: «عبده؟». قلت: «نعم». قال: «من عبده هذا؟». قلت: «الخادم».
وأحسست أنه سيعود فيسألنى: «ماله»؟ وكان الويسكى قد أقبل به الرجل فقلت له: «آه.. هذه كأسك.. ومعها كأسى أيضا».
فنظر إلى كأنه لا يفهم ما أقول وسكت أنا، فما أدرى ماذا يدور فى نفسه. وطال الأمر، فشعرت بالضيق.. فليس مما يخف محمله على النفس أن ترى غيرك يحدق فى وجهك ولا يطرف. فنظرت إليه مستغربا، ولكنه كان كأنه لا يرانى وخيل إلى أنى فى طريق نظرته، فتزحزحت عن مكانى إلى الوراء قليلا وبقى هو ثابت الحملقة لا يشعر بى ولا بحركتى، فحولت وجهى إلى حيث ينظر فلم أر شيئا - أعنى أنى لم أر ما يستوجب هذا التحديق كله - فتركته لشأنه حتى يثوب إلى ويمل طول النظر.
وبعد هنيهة، قال - وكأنه يحدث نفسه: «لم أر فى حياتى إنسانا يأكل هكذا».
فدهشت وقلت: «إيه؟ كيف»؟
فأهمل سؤالى - أو لعله لم يسمعه - وسألنى هو: «هل تقضم اللقمة وتبلعها بلا مضغ»؟
Halaman tidak diketahui