شبهة مشهورة
أما الشبهة المشهورة التي يقيس بها البعض ويقول:
إذا كان هذا هو الفرق بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف فكيف ما بيننا وبين من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه؟
أقول: يجب التفريق في أصحاب الصحبة العامة بين رجال أحسنوا هذه الصحبة مثل حكيم بن حزام وسهيل بن عمرو وحجر بن عدي وعكرمة بن أبي جهل، وأمثالهم وبين أناس أساءوا الصحبة العامة كالوليد بن عقبة وبسر بن أبي أرطأة والحكم بن أبي العاص ومعاوية بن أبي سفيان ووالده أبي سفيان وطليحة بن خويلد وعيينة بن حصن وأبي الغادية وأبي الأعور السلمي ومسرف بن عقبة والمختار بن أبي عبيد وأمثالهم.
فالطبقة الأولى يجوز أن نقول إن الفرق بيننا وبينهم كبير مع أنه لا دليل شرعي على ذلك والأدلة في ذلك ضعيفة.
أما الطبقة الثانية، ممن أساء الصحبة سواء هدمها بردة، أو لوثها بمظالم أو كبائر ذنوب مصرا عليها، فنحن إن شاء الله أفضل منهم بكثير، وأقصد ب (نحن) من قام بالواجبات واجتنب المحرمات.
فالرجل العادي العامي القائم بهذا القدر من الإسلام (الجملي) يكون أفضل من الحكم بن أبي العاص مثلا الذي كان يستهزئ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى لعنه ونفاه وطرده من المدينة، وأفضل من الوليد بن عقبة الذي عاش حياته في شرب الخمر ومنادمة النصارى مع نزول القرآن الكريم بفسقه وكذبه، وأفضل من مسرف بن عقبة الذي استباح المدينة وترك لجيش أهل الشام أن يعبث في مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يريد لمدة ثلاثة أيام... وهكذا.
فهذا أيضا من لب الموضوع فأنا لا أنظر إلى جميع من أسلم بعد الحديبية بمنظار واحد، فكل شخص منهم ينظر لأعماله ويحكم عليه من خلالها بالإسلام نفسه، وبالنصوص الشرعية نفسها.
Halaman 32