القسم الرابع: مصر تبحث عن نفسها
قضية تستحق النظر
نحو فكر أوضح
مفتاح الشخصية المصرية
في مفترق الطرق
في مفترق الطرق
تأليف
زكي نجيب محمود
مقدمة
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1945م) أخذ العالم يسدل ستارا على عصر ذهب زمانه، ويتأهب لدخول عصر جديد؛ فقوائم الحياة كما عهدها الناس حتى ذلك التاريخ، بدأت تتشقق وتهتز لتهوي، فلا العلم هو العلم، ولا السياسة هي السياسة، ولا الثقافة هي الثقافة، ولا شعوب الأرض هي الشعوب التي عرفناها؛ فالعلم قد وثب وثبة جبارة لا عهد للتاريخ كله بمثلها، ويكفيك أن تذكر صواريخ الفضاء ونزول الإنسان على أرض القمر؛ وأن تستحضر إلى ذهنك في عمق ويقظة ووعي كيف أرغم العلماء قطعا من الحديد على أن تحسب وتفكر وتتنبأ، وأما السياسة فقد كانت مطمئنة على وهم مريح، وهو أن في الدنيا سيدا واحدا وثقافة واحدة، والسيد الواحد هو الرجل الأبيض في أوروبا وما تفرع عن أوروبا من البلاد الأمريكية، والثقافة الواحدة هي ثقافته، فالإنسان في أي قطر من أقطار الأرض يكون مثقفا بمقدار قربه من ذلك النموذج الواحد الوحيد، وعلى سائر الألوان من صفر وسود وسمر أن تحني رءوسها لحكم أصحاب الجلدة البيضاء؛ فتغير هذا كله بعد الحرب العالمية الثانية، وتحررت الشعوب بشتى ألوانها، وذهبت عن ثقافة الرجل الأبيض سيادتها، فأصبح لكل ثقافة قيمتها في ذاتها.
Halaman tidak diketahui