Dalam Dunia Visi
في عالم الرؤيا: مقالات مختارة لجبران خليل جبران
Genre-genre
اقتربي: اقتربي مني يا حبيبة نفسي، فقد خمدت النار وكاد الرماد يخفيها. ضميني فقد انطفأ السراج وتغلبت عليه الظلمة. ها قد أثقلت أعيننا خمرة السنين، ارمقيني بعين كحلها النعاس، عانقيني قبل أن يعانقنا الكرى، قبليني فالثلج قد تغلب على كل شيء إلا قبلتك، آه يا حبيبتي، ما أعمق بحر النوم! آه، ما أبعد الصباح في هذا العالم!
في مدينة الأموات
تملصت بالأمس من غوغاء المدينة وخرجت أتمشى في الحقول الساكنة، حتى بلغت أكمة عالية ألبستها الطبيعة أجمل حلاها، فوقفت وقد بانت المدينة بكل ما فيها من البنايات الشاهقة والقصور الفخمة تحت غيمة كثيفة من دخان المعامل.
جلست أتأمل عن بعد في أعمال الإنسان، فوجدت أكثرها عناء، فحاولت في قلبي ألا أفتكر بما صنعه آدم، وحولت عيني نحو الحقل كرسي مجد الله، فرأيت في وسطه مقبرة ظهرت فيها الأجداث الرخامية المحاطة بأشجار السرو.
هناك بين مدينة الأحياء ومدينة الأموات جلست أفكر، أفكر في كيفية العراك المستمر والحركة الدائمة في هذه، وفي السكينة السائدة والهدوء المستقر في تلك. من الجهة الواحدة آمال وقنوط، ومحبة وبغضة، وغنى وفقر، واعتقاد وجحود. ومن الأخرى تراب في تراب تقلب الطبيعة بطنه ظاهرا، وتبدع منه نباتا ثم حيوانا، وكل ذلك يتم في سكينة الليل.
بينا أنا مستسلم لعوامل هذه التأملات، استلفت ناظري جمع غفير يسير الهويناء، تتقدمه الموسيقى وتملأ الجو ألحانا محزنة. موكب جمع بين الفخامة والعظمة، وآلف بين أشكال الناس. جنازة غني قوي، رفات ميت تتبعها الأحياء وهم يبكون ويولولون ويبثون بالهواء الصراخ والعويل.
بلغوا الجبانة فاجتمع الكهان يصلون ويبخرون، وانفرد الموسيقيون ينفخون الأبواق. وبعد قليل انبرى الخطباء فأبنوا الراحل بمنتقيات الكلام، ثم الشعراء فرثوه بمنتخبات المعاني، وكل ذلك كان يتم بتطويل ممل. وبعد قليل انقشع الجمع عن جدث تسابق في صنعه الحفارون والمهندسون، وحوله أكاليل الأزهار المنمقة بأيدي المتفننين.
رجع الموكب نحو المدينة، وأنا أنظر من بعيد وأفتكر.
ومالت الشمس نحو الغروب واستطالت خيالات الصخور والأشجار، وأخذت الطبيعة تخلع أثواب النور.
في تلك الدقيقة نظرت فرأيت رجلين يقلان تابوتا خشبيا، ووراءهما امرأة ترتدي أطمارا بالية، وهي حاملة على منكبيها طفلا رضيعا، وبجانبها كلب ينظر إليها تارة وإلى التابوت أخرى. جنازة فقير حقير، وراءها زوجة تذرف دموع الأسى، وطفل يبكي لبكاء أمه، وكلب أمين يسير وفي مسيره حزن وكآبة.
Halaman tidak diketahui