Dalam Waktu Lapang
في أوقات الفراغ: مجموعة رسائل أدبية تاريخية أخلاقية فلسفية
Genre-genre
قال المشتري وقد التفت نحونا: لأجعلن لهذا العجل عندي قدسا كقدس أجداده. ولأمتعنه من نعيم الحياة ومن احترام الناس بما تمتعوا به.
قال الأشيب: حذار أن تنسى حقه في المتاع ببقرة في كل عام، وإياك أن تتخذ من هذه الأبقار ونسلها تجارة، فيكون ذلك منك تجديفا قد ينالك أوزوريس بعده بضر.
قال صاحب أبيس: أوزوريس إله الخير! فهل تنال آلهة الخير الناس بضر؟! على أني لن أجدف ولن أجعل من صاحبات أبيس تجارة. بل سأنحرها يوم متاعه وسأجعل لحمها وقفا على أحباب أبيس.
سميراميس
تخطينا باب سميراميس إلى البهو الكبير فقابلتنا أضواؤه وبسطه ومناضده منثورة في نظام جمع إلى البهاء والجلال. وتقدمنا الذي دعانا إلى الشاي يتخير لنا مكانا. ووقفت وبجانبي صديقنا الشاب. أما نجي أبيس فتبع الأشيب بضع خطوات كان في خلالها يقلب في الحاضرين نظره. ثم انتظمتنا جميعا مائدة ما كدنا نجلس إليها حتى أقبل علينا صديق حيانا وجلس إلى مائدة تجاورنا مع جماعة من أصدقائه الأوروبيين سيدات وسادة. وجاء الغلام يتلقى أوامرنا. ففيما كان الذي دعانا إلى الشاي يحدثه مال إلي نجي أبيس وسألني: لم دعوا هذا الفندق سميراميس وكان لهم في أسماء آلهة مصر القديمة وملوكها ما يغنيهم عن هذا الاسم الأجنبي؟
فقلت: لعلهم يوم أطلقوا عليه هذا الاسم كانوا يحسبون سميراميس اسما مصريا. فله من الرنين ما لأبيس وإيزيس وأوزوريس وسيرابيس وما إلى أولاء جميعا من الإيس الذي لا نهاية له في الهيروغليفية. وليس يطلب إلى أصحاب الفنادق أن يكونوا نحارير في العلم بأسماء الآلهة الأقدمين. وبحسبهم أن يجمعوا المتشابه في رنته وأن يضيفوه بعضه إلى بعض على أنه مصري ما داموا في مصر. وكأني بك لو وجهت سؤالك إلى مدير هذا الفندق لرأيته مجيبا إياك في لهجة اليقين بأن سميراميس إلهة مصرية أو إله مصري. وربما أطلعك على بعض ما عنده من آثار تؤيد ذلك وتنطق به. وله عذر عن يقينه. فنحن جميعا نميز اللغات بعضها عن بعض بما لكل من رنين، كما نميز الأمم بعضها عن بعض بالألوان والملامح.
فرغ الذي دعانا إلى الشاي من إصدار أوامره. وكان أصحابنا قد أنصتوا لهذا الحديث. فلما أتممت عبارتي قال الأشيب: لو أن أصحاب النزل تحروا يوما أن تكون أسماء نزلهم مصرية لوجب عليهم أن يبحثوا تاريخ بلادنا، ولما كان لهم من وراء بحثهم مغنم. هم إنما يطلقون على فنادقهم أسماء اختصت بها الفنادق في مدن العالم جميعا؛ كي يثير الاسم في نفس قاصدها صورة معينة تحببه إليه وتطمئنه إليها. وهم في ذلك يسيرون سيرة الناس جميعا في التسمية. فكما أن للذكران من الناس أسماء وللإناث أخرى، وكما أن للقطط أسماء وللكلاب أخرى، كذلك للنزل والفنادق أسماء. على أن أسماء النزل لها من المزية أنها عالمية غير قومية ما اختصت بالسائحين الذين يجوبون أقطار الأرض. فبحسب أصحاب هذا الفندق من الشجاعة أنهم خرجوا على الناس في أسماء الفنادق، وأطلقوا عليه اسم سميراميس.
قلت: ولم لا يكون لاسم سميراميس أثر باق على أرض مصر، وقد كانت مصر في ملكها؟
وكان صاحبنا الجالس إلى أصدقائه الأوروبيين سيدات وسادة قد ألقى بسمعه إلينا. وكانت قد بدت عليه علائم الدهشة لهذا الحديث، ولم يخف دهشته عن جلسائه فاستأذنهم كي يسألنا قال: أوليست سميراميس ملكة مصرية أو إلهة مصرية كإيزيس؟
فتبسم الأشيب ضاحكا من قوله وأجابه: لعل أصدقاءنا لا يأبون أن أحدثك بشيء عنها. فهي لم تكن مصرية. لكنها كانت ملكة وإلهة معا. وكان لها من الأثر في الحضارة القديمة ما كان لأكبر الملوك الآلهة المصريين. بل ربما كانت أقوى منهم سلطانا. فقد كانت إلهة الجمال عند الآشوريين. ولعلك لا تنكر يا صديقي ما للجمال على الناس من سلطان. وكانت ثمرة غرام لم يعقده الشرع. فقد عبثت أمها «درسيتو» إلهة البحر بالزهرة إلهة الجمال. فنقمت الزهرة منها عبثها وسلطت عليها شابا أغواها وأولدها طفلة بارعة. فركب «درسيتو» من الهم ما ركبها، ودفعها غضبها إلى أن قتلت الشاب، وتركت الطفلة في الصحاري، وألقت بنفسها في اليم بين الأسماك. ثم حنا على الطفلة جماعة من اليمام أطعمنها إلى أن عثر بها قوم من الرعاة التقطوها ودعوها سميراميس، أي: اليمامة. فشبت فقيرة جميلة حتى تزوجت من «نينوس» كبير ضباط الجيش. وكانت ذات همة دفعت زوجها إلى فتح المدائن والدول. لكن جمال سميراميس سما بها إلى مضجع صاحب عرش آشوريا، فخلعت نينوس عن العرش وصارت للملك زوجا.
Halaman tidak diketahui