فديتك يا من بالشجاعة يرتدي ... وليس لغير السمر في الحرب يغرس
فإن عشق الناس المها وعيونها ... من الدل في روض المحاسن تنعس
فدرعك قد ضمتك ضمة عاشق ... وصارت جميعا أعينا لك تحرس
ومن هذه النماذج المتقدمة للأدب قبيل النهضة، ندرك كيف كان النهوض صعبا بطيئا، ويحتاج إلى عناء طويل، وصبر كثير، وزمن مديد ليبلغ أشده ويؤتي أكله.
2- البعث:
هبت مصر من سباتها العميق فزعة مذعورة حين دوت في آفاقها مدافع نابليون سنة 1798م, وأخذت تقلب الطرف دهشة في هذه الجيوش العجيبة، والوجوه الغريبة، فكان ذلك أول عهدها بالفرنجة منذ عصر صلاح الدين الأيوبي. ولكن شتان بين العهدين، ففي الأول كانت قوية عزيزة لا تزال فيها أثارة من علم وأدب، وكانت أوربا لا تزال تتحسس طريقها نحو النور؛ فاقتبست من مهد العروبة, وأفادت علما وحضارة، وأخذت ترقى صعدا في سلم المدنية بخطوات ثابتة سريعة، بينما أخذت مصر تهوي وتنحدر رويدا رويدا, ويتراكم عليها الجهل والغفلة حتى جاءها "نابليون" وهي في الدرك الأسفل.
Halaman 17