عرابي: إننا لم نطلب إلا حقا وعدلا، وليس في طلب الحق من خطر، وإننا لنعتبرك أبا للمصريين، فما هذا التلويح والتخويف؟
رياض: ليس في البلاد من هو أهل لأن يكون عضوا في مجلس النواب.
عرابي: إنك مصري وباقي النظار مصريون، والخديو مصري، أتظن أن مصر ولدتكم ثم عقمت؟ كلا! فإن فيها العلماء والحكماء والنبهاء، وعلى فرض أن ليس فيها من يليق لأن يكون عضوا في مجلس النواب، أفلا يمكن إنشاء مجلس يستمد من معارفكم, ويكون كمدرسة ابتدائية تخرج لنا بعد خمسة أعوام رجالا يخدمون الوطن بصائب فكرهم, ويعضدون الحكومة في مشروعاتها الوطنية1".
ويقبض الجراكسة على عرابي, ويسجن في قصر النيل, فيقتحمه الجند ويطلقون سراحه, ويهمون بذبح الجراكسة لولا تدخل عرابي؛ حيث وقف فيهم خطيبا ونصح لهم "بالا يمدوا يدا بسوء إلى أحد من الجراكسة ولا إلى غيرهم؛ لأنهم إخواننا, ولئن آثروا أنفسهم علينا, فإنا لا نريد إلا النصفة والمساواة2".
ويسير عرابي إلى عابدين في مظاهرة عسكرية صاخبة، وتعدل القوانين، ويقام لذلك حفل في قصر النيل أقامه البارودي وزير الحربية, وحضره الوزارء يخطب عرابي قائلا: "إننا لا نريد إلا الإصلاح وإقامة العدل على قاعدة الحرية والإخاء والمساواة, وذلك لا يتم إلا بإنشاء مجلس النواب وإيجاده فعلا، ونحن مطيعون للحكومة, بل نحن الآلة المنفذة لأوامرها العادلة"3.
Halaman 346