Faysal Pertama: Jelajah dan Sejarah
فيصل الأول: رحلات وتاريخ
Genre-genre
على أن الملك فيصل تعدى التقليد في صورته الأخيرة، وهو فيها مكشوف الرأس، جهم المحيا، بعيد غور الفكر، تعلو سيماءه مسحة من الكآبة. عد إليها، وتخيل السدارة على الرأس، يبدو في الوجه شيء مستغرب مستهجن؛ هو التناقض بين ملامحه وما تخيلته على رأسه. ما كان يخفى على الملك فيصل أن التناسب هو السر في الحسن والأناقة، فعندما يبدو أثر التفكر بليغا في الوجه، أو عندما يكون الوجه متجهما، فالرأس المكشوف هو أكثر تناسبا من الرأس الذي تعلوه قبعة صغيرة محقرة.
خذ عمرة الملك فيصل في صيده تر فيها ما تفتقده السدارة من أسباب الحسن والأناقة، فالسدارة تحقر الوجه التعب، الوجه العابس، وتسلبه محاسنه، بينا أن عمرة الصيد تظلل بعض الخطوط فيه تزيده قوة وجلالا. عد إلى صورته في الصيد وتأملها، فإن هذه المحاسن لتبدو واضحة بليغة، ويبدو حتى في ظلال خطوط التعب شيء من النشاط المذخر.
كان الملك فيصل في الصيد، مثله في كل شيء، مثال البساطة والاتضاع، ينبو عن الكلفة كما ينبو عن الأبهة، فيخرج بعض أصحابه يرافقهم واحد أو اثنان من الحرس الملكي، وكلهم في المطاردة إخوان، لا تفاضل بينهم بغير المهارة. وأما الذين كان يؤثر اصطحابهم فمنهم رئيس التشريفات تحسين قدري، ومستشار الداخلية السر كينيهان كورنوالس. والاثنان إذا حدثا عن الملك الصياد لا يغمطان حقه كما أنهما لا يسترسلان في الغلو، فالسر كينيهان يعترف بمهارة الملك في الإصابة، ولكنه يبسم إذا سئل عن قوة الملك في المطاردة في المشي.
أما تحسين فهو يعترف بأنه لا يستطيع أن يماشي الملك، وأما أنه دونه في الصيد، في الإصابة، فمسألة فيها نظر. كذلك كانا يفاخران الملك فيسمع ويبتسم، ثم يمشي مجدا وراء غزلانه، فيدهش في العدو رفيقه الإنكليزي، وإذا عرض له سرب من الحبارى، يجيء بالدليل على مهارته في الإصابة، فيدهش الرفيق الآخر.
على ذكر الصيد أقول إن الملك فيصلا خرج فيه عن تقاليد السلف، وعن عادات العرب التي لا تزال متبعة حتى في العراق؛ فقلما كان يستخدم الصقر في صيده، وقلما كان يصيد بالسهام الخنزير البري. ولو أنه رغب بهذا النوع من الصيد، لما أظنه كان يتشبه ببعض الخلفاء الذين كانوا يحملون سهاما في الحرب وفي الصيد نصالها من ذهب.
أما جود الملك فيصل عند العودة من صيده، فقد كان يبعث البهجة والسرور في بيوت الكثيرين من أصدقائه في بغداد.
المناقب
ما جاء في المعقول والمنقول أن الأخلاق النبوية تتجلى كلها في أحد من سلالة النبي، وإن كان نسبه خلال ثلاثمائة وألف من السنين سليما صافيا، وقد يعد ذلك من الحسنات في هذا الزمان . ما كان فيصل مثلا يطمح إلى النبوءة، أو يدعي شيئا من الوحي. وما كان قسطه من الفيض الروحي أو النور الإلهي كافيا ليفتح له تلك الأبواب التي تقفل دون سواه من الناس، فتجعل الرؤيا لديه حقيقة راهنة، والخيال أمرا ملموسا.
ما تراءى النبي محمد مرة لفيصل - على ما أعلم - كما تراءى لأخيه الملك علي ذات ليلة في المدينة، وهو ذاهب إلى الجامع للصلاة. كان علي يومئذ أمير المدينة وأسير محنة كادت تهد قواه وتذهب برجائه، فيمم الحجرة النبوية، يستغيث بالرسول ويستنجده، فلاقاه الرسول في الشارع - رأيته والله كما أراك الآن، يا أستاذ - وقال له: «مكن إيمانك بالله يا علي، ولا تقنط.»
أما الملك فيصل فما رأى النبي مرة في حياته الكثيرة التجارب والمحن، وما كان - على ما أعلم - يستغيث بالنبي، وما سمعته مرة يحلف باسمه، وقد تنازل فيصل عن الشارة النبوية، أي ذؤابة العمامة، بل العمامة نفسها، وتنازل كذلك عن بعض حقوق المسلم وتقاليد الشريف؛ فقد اقتصر في زواجه على واحدة، ونصر المرأة في بعض حقوقها، وكان يكرم الشعراء؛ فلا يقول إنهم في واد يهيمون. وما كان يستعجل ضيوفه في الرحيل، فيردد الآية: «فإذا طعمتم فانتشروا». ولا كان يرغب بالحرب والقتال، فقد أصلى خصومه النار مرة، وكان بعد ذلك مسالما، وعاملا لتأييد السلم في العالم.
Halaman tidak diketahui