Faysal Pertama: Jelajah dan Sejarah
فيصل الأول: رحلات وتاريخ
Genre-genre
ومنهم من يقولون إن لبنان الكبير هو رأس مصائب اللبنانيين، ويرومون تصغيره، يطلبون إعادته إلى ما كان عليه عهد المتصرفية السعيد.
ومنهم من لا يقبلون بهذا التصغير، ولا يتنازلون عن شبر أرض في لبنان الكبير.
ومنهم من لا يعرفون ماذا يريدون.
أما أولو الأمر أصحاب الانتداب، فهم يسمعون ويبسمون ويعللون ويسوفون، ولكنهم يعرفون ماذا يريدون.
هم يريدون لبنان كبيرا لا صغيرا؛ لأنهم يريدونه لأنفسهم؛ أجل، مهما تطورت أحواله، وتعددت وتلونت مطالبه وآماله، فهو منذ البدء كان وسيظل مطمح أنظار الفرنسيين، يريدونه قيد سياستهم الخارجية، ليعززوا به مركزهم الحربي البحري في هذه الزاوية المباركة من البحر المتوسط.
فإذا تعهدوا لأشياع لبنان الكبير بالمحافظة على وحدته الجغرافية والسياسية فهم في تعهدهم صادقون، وكيف يقبلون بأن تسلخ طرابلس مثلا عن لبنان، ولهم فيها المصلحة الحربية السياسية، والمصلحة الاقتصادية؛ أي المطار ومصب أنابيب البترول. إن غرضهم في لبنان منذ عهد غورو وقبله هو واحد لم يتغير، وقد لا يتغير، وهم يسيرون إليه هادئين متحفظين، فيتذرعون لتحقيقه تدريجا بمختلف الوسائل.
وإنهم عاملون - على ما أظن - ليخلصوا البلاد ويخلصوا أنفسهم من الانتداب كما فعل الإنكليز في العراق، فيعقدون معاهدة مع سوريا تضمن مصالحهم بها، ويستمرون في سياستهم اللبنانية، الممهدة لتحقيق الغرض الأكبر جميعه، فيلغى الانتداب في لبنان كذلك، وتعلن فيه الحماية. هو ذا المستقبل الزاهر، وقد لا يكون بعيدا؛ الحماية الفرنسية في البلاد الساحلية، وحكومة ضعيفة، ملكية أو جمهورية، في سوريا.
وهل من مناص؟ هل انطفأت أنوار الأمل كلها؟ ألا تستطيع سوريا أن تخلص لبنان؟ ألا يستطيع لبنان أن ينجو بنفسه، ويسهل سبيل الخلاص لجارته ورفيقته في هذه الأحوال؟
هب أن ذلك غير ممكن الآن، فهناك صاحبة القوة والإرادة في الأمر؛ هناك الدولة المنتدبة. فهلا تعدل وتعمل لسوريا ولبنان ما فيه خيرهما وخيرها؟ إن ما يطلبه العاقلون المنزهون عن الأغراض إنما هو هذا العمل في سبيل توحيد البلاد، بل العمل الذي يوجبه عليها صك الانتداب، وإني على يقين أن ليس في الأمة من يرفض التعاون الوثيق والمشارفة النزيهة في هذا السبيل.
ومع أن الحاضر مبهم والمستقبل مظلم، فإني أرى في ظلمة الآفاق نورا واحدا من أنوار الأمل، لا يزال ثابتا في أفقه القريب، نافذا في أشعته القليلة، وقد بدأ بعض إخواني اللبنانيين يرون هذا النور ويرون فيه الأمل المنشود، وهم من الموالين لا المعادين للانتداب.
Halaman tidak diketahui