Aaron Copland (1900م) بوصفهم مؤلفين موسيقيين ومعلمين ونقادا، أن يستهلوا عهد إحياء موسيقي في هذا البلد، ازدادت قوته بفضل تدفق الموسيقيين الأجانب وتقدم عصر العلوم. والواقع أن أمريكا تدين لهؤلاء الرجال بالكثير، حتى رغم كونهم هم أنفسهم يدينون بالفضل لأوروبا. ويمتاز هؤلاء بنضج في الأفكار يثري الفن الموسيقي بأصالته ونضارته. وهم يبدعون موسيقاهم بطريقة مباشرة، وببساطة كلاسيكية ، وكأنهم يؤلفون أنشودة وطنية.
أما الجيل التالي من الموسيقيين فلا يسمح لأية أغلال موسيقية بأن تقيد أفكاره ورغبته في التعبير؛ ذلك لأن مارك بلتسشتين
Marc Blitzstein (المولود في 1905م) ووليام شومان
W. Sohuman (1910م)، وصامويل باربر
Samuel Barber (1910م)، وبول باولز
Bowles (1911م)، ولينارد برنشتين
Leonard Bernstein
ينظرون إلى النغم والقالب على أنهما وسيلة للاتصال وأنموذج له، ينبغي أن يتغير وفقا لحاجات التعبير، وهم متمسكون بالرأي الجمالي القائل إن الفنان إذا ما قال أشياء قديمة، فمن الواجب أن يقولها بطريقة جديدة، أما إذا كانت لديه القدرة أن يقول شيئا جديدا، فإن من واجبه ألا يقوله بقوالب الماضي، بل ينبغي أن يقوله بأية طريقة يمكن أن يقال بها في الموسيقى.
أما تلك الصيحة التي يرددها كثير من النقاد والفلاسفة المعاصرين من أن الموسيقى الحديثة متنافرة ومنحلة، فهي ليست جديدة في تاريخ الفنون؛ فقد كان الانتقال من عصر موسيقي إلى آخر يقترن دائما بالسخرية والاحتقار من جانب المحافظين والتقدميين معا. ولقد سبق أن قال فولتير إن الأذن البشرية تحتاج إلى جيل بأكمله؛ لكي تعتاد أسلوبا موسيقيا جديدا. وقد يكون في هذا القول مبالغة، غير أنه في جملته صحيح. كذلك قيل إن تفضيل مؤلفينا الموسيقيين المعاصرين للأسلوب الموضوعي اللاشخصي في الموسيقى يعني أنهم يتجنبون أية شبهة للأحاسيس في فنهم. وهذا القول لا يقل بطلانا عن اتهام الموسيقى المعاصرة بالانحلال؛ فالموسيقي المعاصر يقول ما يريد أن يقوله بطريقته الخاصة، وهذه الطريقة التي يعبر بها عن نفسه مختلفة عن الطرق التي كانت متبعة في الماضي. وليس لنا أن نتوقع من الموسيقي الذي يعيش في أيامنا هذه أن يعبر عن نفسه بقالب وأسلوب موسيقى عصر الباروك، مثلما ينبغي ألا نتوقع من الشاعر المعاصر أن يكتب بلغة وأسلوب الشعراء في عصر إليزابيث.
إن الموسيقي الحديث يخلق وفقا لمعيار عملي للقيم الموسيقية؛ فهو يقول ما يريد، أو ما يتحتم عليه أن يقوله بأية طريقة يمكنه بها أن يجعل موسيقاه فعالة. ولا شك أن الناقد الذي يستمع إلى هذه الموسيقى للمرة الأولى، ويحاول تقويم هذا التعبير الجديد عن المشاعر، ليس في موقف يحسد عليه؛ فعليه أن يتذكر أن كل جديد ليس بالضرورة جيدا، وليس كل تغير تقدما، ولكن ينبغي أن يدرك أيضا أنه إذا قدر الموسيقى الجديدة بمعايير قديمة، فقد يصبح في العصر الحالي بمثابة الناقد «أرتوزي»
Halaman tidak diketahui