Fayd Khatir Bahagian Pertama

Ahmad Amin d. 1373 AH
148

Fayd Khatir Bahagian Pertama

فيض الخاطر (الجزء الأول)

Genre-genre

وكنت كلما شكيت من شيء بثثت شكواي إلى النجوم فتبخرت، وكلما تدنست في جو الأرض تطهرت في جو السماء، فإن آلمتني السياسة بألاعيبها وخداعها، والأولاد بمضايقاتهم ونزاعهم، والخدم برذائلهم، والبيئة بمشكلاتها وصغائرها، علوت إلى السطح وانسطحت على سجادة، ووصلت أسباب ما بيني وبين النجوم ، فزال كل ألم، واحتقرت كل ما ضايقني، وعشت في عالم جديد لذيذ مريح، ورأيت أني غسلت نفسي كما يغسل الثوب في البحر الواسع.

عظيمة هذه النجوم وجميلة وجليلة! فإن رأيت نجوم المجرة وعلمت أنها تبلغ عدتها الملايين، وأنها تسير بسرعة هائلة لا يتصورها الخيال، وأن بعضها بلغ من البعد عنا ما لا يصل إلينا ضوؤه إلا في آلاف السنين، أيقنت بهذه العظمة، وشعرت في أعماق نفسك بحقارتك وحقارة شواغلك وحقارة أرضك كلها - وإن علمت أن في السماء آلافا من الشموس تكون كل شمس منها مجموعة من النجوم كمجموعتنا الشمسية، سبحت في عالم من العظمة لا حد له، وتساءلت في كثير من الحيرة والإعجاب: إلى أي طريق هي مسوقة، وإلى أي طريق نحن مسوقون معها؟ وقلت كما قال أبو الشبل البغدادي:

بربك أيها الفلك المدار

أقصد ذا المسير أم اضطرار

مدارك قل لنا في أي شيء

ففي أفهامنا منك انبهار

وفيك نرى الفضاء وهل فضاء

سوى هذا الفضاء به تدار؟

ثم رددت الطرف خاسئا وهو حسير، ولكنها حسرة لذيذة لا ترضي بها بديلا.

أيتها النجوم! كم من الناس نظروا إليك فأعجبوا بعظمتك وجمالك وجلالك، وكم من الشعراء تغنوا بك، وتفننوا في الإشادة بذكرك، وعابوا عليك سرعتك أيام الوصال، وبطئك أو وقوفك أيام الهجران!

Halaman tidak diketahui