Fayd Khatir Bahagian Pertama

Ahmad Amin d. 1373 AH
134

Fayd Khatir Bahagian Pertama

فيض الخاطر (الجزء الأول)

Genre-genre

لست أدري أأصاب العرب إذ أنثوها، أم أصاب الإنجليز إذ ذكروها! لعل الإنجليز رأوا القمر وادعا جميلا هادئا رقيقا فأنثوه، ورأوا الشمس قوية قاهرة قاسية فذكروها؛ ولكن لعل واضعي اللغة من الإنجليز لو عاشوا في عصرنا، ورأوا ما نرى من قوة المرأة وضعف الرجل، وجبروت المرأة واستكانة الرجل، لرجعوا إلى رأي العرب، وآمنوا ببعد نظرهم، وقلبوا المذكر مؤنثا، والمؤنث مذكرا.

ولعل العرب أيضا رأوا الشمس أم الأرض وأم القمر وأم الزرع فأنثوها، إذ لا يلد إلا امرأة؛ ورأوا القمر طفلا يدور حول أمه فذكروه، واحتاط العرب أن يدرك الشمس شيء مما يلحق الأنوثة، فقال شاعرهم: «وما التأنيث لاسم الشمس عيب».

أما الشمس نفسها، فلم تعبأ بتأنيث ولا تذكير، كما لم تعبأ بمن أنثها وبمن ذكرها.

فهي في سمائها تؤدي رسالتها، وتسير سيرتها، وتبهرنا بجمالها، وتوحي إلينا بأسرارها.

فما أعظمك! وأعظم منك من خلقك!

الرجولة في الإسلام

لعل من أهم الفروق التي تميز المسلمين في أول أمرهم وفجر حياتهم عن المسلمين اليوم، «خلق الرجولة»، فقد غني العصر الأول بمن كانوا هامة الشرف، وغرة المجد، وعنوان الرجولة.

تتجلى هذه الرجولة في «محمد» إذ يقول: «والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته». كما تتجلى في أعماله في أدوار حياته. فحياته كلها سلسلة من مظاهر الرجولة الحقة، والبطولة الفذة؛ إيمان لا تزعزعه الشدائد، وصبر على المكاره، وعمل دائب في نصرة الحق، وهيام بمعالي الأمور ، وترفع عن سفاسفها؛ حتى إذا قبضه الله إليه لم يترك ثروة كما يفعل ذو السلطان، ولم يخلف أعراضا زائلة كما يخلف الملوك والأمراء، إنما خلف مبادىء خالدة على الدهر، كما خلف رجالا يرعونها وينشرونها، ويجاهدون بأموالهم وأنفسهم من أجلها.

وتاريخ الصحابة ومن بعدهم مملوء بأمثلة الرجولة. فأقوى ميزات «عمر» أنه كان «رجلا» لا يراعي في الحق كبيرا، ولا يبالي عظيما أو أميرا. يقول في إحدى خطبه: «أيها الناس، إنه والله ما فيكم أحد أقوى عندي من الضعيف حتى آخذ الحق له، ولا أضعف عندي من القوي حتى آخذ الحق منه».

وينطق بالجمل في وصف الرجولة فتجري مجرى الأمثال، كأن يقول: «يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم أن يقول: (لا) بملء فيه».

Halaman tidak diketahui