173

Fayd Qadir

فيض القدير شرح الجامع الصغير

Penerbit

المكتبة التجارية الكبرى

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1356 AH

Lokasi Penerbit

مصر

٣٠٠ - (أخلصوا عبادة الله تعالى) بين به أن المراد بالعمل في الخبر قبله العبادة من واجب ومندوب (وأقيموا خمسكم) التي هي أفضل العبادات البدنية ولا تكون إقامتها إلا المحافظة على جميع حدودها ومن ذلك عدم الاصغاء إلى وسواس الشيطان وخشوع الجوارح والهدوء في الأركان وإتمام كل ركن بأذكاره المخصوصة وجمع الحواس إلى القلب كحاله في الشهادة وفيه إشارة إلى أن جمع الخمس على هذه الهيئة من خصوصياتنا وورد أن الصبح لآدم والظهر لداود والعصر لسليمان والمغرب ليعقوب والعشاء ليونس ولا يعارضه قول جبريل عقب صلاته بالمصطفى ﷺ الخمس صبيحة الإسراء وهذا وقتك ووقت الأنبياء من قلبك لأن المراد أنه وقتهم إجمالا وإن اختص كل منهم بوقت ولما ذكر ما يزكي البدن ذكر ما يطهر المال وينميه وهو حق الخلق فقال (وأدوا زكاة أموالكم) المفروضة وفي الاقتصار فيها على الأداء إشعار بأن إخراج المال على هذا الوجه لا يكون إلا مع الإخلاص فيطابق المقطع المطلع (طيبة) بنصبه على الحال (بها أنفسكم) وفي رواية قلوبكم بأن تدفعوها إلى مستحقيها بسماح وسخاء نفس ومن كمال ذلك أن يتناول المستحق بنفسه كان المصطفى ﷺ يتناول السائل بنفسه ولا يكله لغيره (وصوموا شهركم) رمضان بأركانه وشروطه وآدابه ومنها السحور مؤخرا والفطر معجلا وصوم الأعضاء كلها عن العدوان وترك السواك بعد الزوال والأخذ فيه بشهوات العيال والإضافة للتخصيص على ما مر بما فيه (وحجوا بيتكم) أضافه إليهم لأن أبويهم إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام بنياه ومن مطلوباته زيادة اليقين واستطابة الزاد والاعتماد على ما بيد رب العباد لا على حاصل ما بيد العبد وتزويد التقوى والرفق على الرفيق وبالظهر وتسكين الأخلاق والارفاق في الهدى وهو الثج والاعلان بالتلبية وهو العج وتتبع أركانه على ما تقتضيه أحكامه وإقامة شعاره على معلوم السنة لا على معهود العادة (تدخلوا) بجزمه جواب الأمر (جنة ربكم) أي المحسن إليكم بالهداية إلى الإخلاص وبيان طريق النجاة والخلاص وخص الرب تذكيرا بأنه المربي والمصلح والموفق والهادي والمنعم أولا وآخرا وجعل الدخول بالأعمال لما جرت به العادة الإلهية من الدخول بها فلشدة ملازمتها كانت كأنها سبب الدخول وإلا فالدخول بالرحمة وهذا الحديث موافق لقوله تعالى ﴿ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون﴾ <فائدة> قال ابن عطاء الله لون الله تعالى لنا الطاعات من صلاة وصوم وحج وغيرها لئلا تسأم نفوسنا تكرما وفضلا لأن النفس لو كلفت بحالة واحدة في زمن واحد ملت ونفرت وبعدت من الانقياد للطاعة فرحمها الله ﷾ بالتنويع وحجر علينا الصلاة في أوقات ليكون همنا إقامة الصلاة لا وجود الصلاة فما كل مصل مقيم
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيتمي فيه يزيد بن فرقد ولم يسمع من أبي الدرداء
٣٠١ - (اخلعوا) بكسر الهمزة واللام أي انزعوا (نعالكم) وإن كانت طاهرة يقال خلع نعله إذا نزعه وفي القاموس الخلع كالمنع النزع إلا أنه فيه مهانة (عند الطعام) أي عند إرادة أكله (فإنها) أي هذه الخصلة التي هي النزع (سنة) أي طريقة وسيرة (جميلة) أي حسنة مرضية لما فيه من راحة القدم وحسن الهيئة والأدب مع الجليس ⦗٢١٩⦘ وغير ذلك والأمر للإرشاد بدليل خبر الديلمي عن ابن عمر مرفوعا أيها الناس إنما خلعت نعلي لأنه أروح لقدمي فمن شاء فليخلعها ومن شاء فليصل فيهما. والنعل كما في المصباح وغيره الحذاء وهي مؤنثة وتطلق على التاسومة ولما كانت السنة تطلق على السيرة جميلة كانت أو ذميمة بين أنها جميلة هنا أي حسنة مرضية محبوبة وبذلك علم أن المراد بالسنة هنا المعنى اللغوي وإلا لما احتاج لوصفها بما ذكر وخرج بحالة الأكل حالة الشرب فلا يطلب فيها نزع النعل كما هو ظاهر ومثل النغل القبقاب ونحوه لا الخف فيما يظهر
(ك) في المناقب (عن أبي عبس) بفتح المهملة وسكون الموحدة كفلس (ابن جبر) بفتح وسكون الموحدة ابن زيد الأنصاري وقد مر وظاهر صنيع المؤلف أن الصحابي الذي رواه عنه الحاكم هو أبو عبس والأمر بخلافه بل الحاكم إنما رواه عن أنس فقال عن يحيى بن العلاء عن موسى بن محمد التيمي عن أبيه عن أنس قال دعا أبو عبس رسول الله ﷺ لطعام صنعه له فقال رسول الله ﷺ اخلعوا إلى آخره ورواه من طريق آخر بلفظ آخر وتعقبه الذهبي على الحاكم وأن فيه يحيى وشيخه متروكان وإسناده مظلم انتهى لكنه اكتسب بعض قوة بوروده من طريق أخرى ضعيفة

1 / 218