الظن أيضا لا يخلو عن كدر لأنه مخالف لكتب اللغة والاحرى أن يقول مستعمل فيه استعمالا شائعا فلا بأس بإرادة هذا المعنى (وبعضهم) وهو الإمام صدر الشريعة (جعل الفقه عبارة عن الأحكام القطعية مع ملكة الاستنباط) وعلى هذا يندفع الإيرادان أما الأول فلانا نختار رشقا ثالثا وهو أن المراد البعض المعين الذى هو القطعيات فلا إيراد وأما الثانى فلأن الفقه حينئذ علم قطعى (ويلزم عليه خروج المسائل الثابتة بالأدلة الظنية) كالقياس وخبر الواحد (وهى كثيرة ألا ترى أن السنة المتواترة قليلة جدا) وكذا الإجماعات فالقطعيات أقل القليل فإن قلت أنه يلتزم خروجها قال (والتزام ذلك التزام بلا لزوم) من حجة ولعل حجته أن الظن مذموم من الشارع لا كمال فيه وأقله أنه لا يصلح للمدح عليه وإنما اعتبر ضرورة العمل وإذ قد ثبت من الشارع والصحابة مدح الفقهاء علم أنه علم قطعى ثم أنهم إذ لم يطلقوا الفقيه إلا على من له ملكة الاستنباط علم أن مقارنتها أيضا معتبرة في الفقه الممدوح الكلام فيه (وجعل العمل داخلا في تحديد هذا العلم) أى الفقه (كما ذهب إليه بعض مشايخنا) وهو الإمام فخر الدين الإسلام رحمه الله تعالى (بعيد جدا) عن الصواب لأن الفقه أحد أنواع العلوم المدونة وأيضا يلزم أن لا يكون الفقيه الفاسق فقيها هذا واعلم أنه ليس الكلام في أن الفقه في الاصطلاح ما هو فإنه قليل الجدوى ولكل مصطلح أن يصطلح على ما شاء فلا كلام على أحد بل الكلام في أن الفقه الذى مدح في كلام الشارع والصحابة والتابعين ما هو وحينئذ الحق مع الإمام فخر الإسلام فإن المدح لا يستحقه الفاسق فلابد من اعتبار العمل ولا شناعة في التزام كون الفاسق العارف بالأحكام بالأدلة غير فقيه كيف ولم يعد أحد الحجاج فقيها مع كونه عارفا للأحكام هذا واعلم أنه رضى الله تعالى عنه قال والنوع الثاني علم الفروع وهو الفقه وأنه ثلاثة أقسام علم المشروع بنفسه والقسم الثاني إتقان المعرفة به وهو معرفة النصوص بمعانيها وضبط الأصول بفروعها والقسم الثالث هو العمل به حتى لا يصير نفس العلم مقصود فإذا تمت هذه الأوجه كان فقيها مطلقا وإلا فهو فقيه من وجه دون وجه فتحير المحصلون في فهمه فإن أول كلامه يدل على أن الفقه المجموع وآخره يدل على أن العلم فقط أيضا فقه بل العمل وحده وحرر صاحب الكشف أن الفقه هو المجموع والعلم والعمل كل جزء له فالفقه المستعمل فيه حقيقة قاصرة فهو فقه من وجه دون وجه ويمكن أن يكون مراده أن الفقه عبارة عن القدر المشترك بين المجموع
Halaman 17