والثاني: سقوط القضاء، ويُنْقَل عن الفقهاء.
وَرُدَّ بأنَّ وجوب القضاء إنما يتحقق بَعْد خروج الوقت، لا سِيَّمَا إذَا قُلنا بِأَمرٍ جديد، لا بالأمر الأول. وإذَا لَمْ يجب، فكيف يسقط؟ !
ثُم إنَّ هذَا قاصِر على مُؤَقَّت يَدْخله القضاءُ، والبحث في صحة العبادة مُطْلَقًا.
وبُنِيَ على الخلاف صلاةُ مَن ظن أنه مُتَطهر ثُم بَانَ حَدَثُه، فإنها صحيحة عند المتكلمين دُون الفقهاء. كأنَّ المتكلمين نظَروا لِظن المكلَّف، والفقهاء لِمَا في نفْس الأمر (^١)، ولكن اللائق بقواعد الفريقين العكس.
وقال ابن دقيق العيد: (هذا البناء فيه نظر؛ لأنَّ مَن قال: "مُوافقة الأمر" إنْ أراد الأمر الأصلي، فَلَم يَسقط، أو الأمر بالعمل بالظن، فَقَدْ تبَيَّن فساد الظن؛ فَيَلْزَم أنْ لا يَكون صحيحًا مِن حيث عدم موافقة الأمر الأصلي، ولا الأمر بالعمل بالظن).
وما قاله ظاهر.
وأيضًا فالنقل عن الفقهاء فيه نظر، فقد صَرَّح أصحابنا في صلاة الجماعة بأنَّ الصلاة الصحيحة إما مُغْنِية عن القضاء أَوْ لا. وحكوا وَجْهَين في وصف صلاة فاقِد الطهورين بالصحة، أصحُّهما نَعَم، مع أنه يجب القضاء على الجديد. قالوا: ويجري الخلافُ في كل صلاة يجب قضاؤها.
وفائدة الخلاف في الأيمان وفي جواز الخروج منها.
وأيضًا كيف يُؤمَر بعبادة وهي فاسدة؟
فإمَّا أنْ يُقال: "صحيحة" أو "شبيهة"، كالإمساك في رمضان.
(^١) يعني: والفقهاء نَظَروا لِمَا في نفْس الأمر.