« بشيء من الأحكام الشرعية » ليخرج عنه الاجتهاد في المعقولات والمحسوسات وغيرها ، وقولنا : « بحيث يحس من النفس العجز عن المزيد إليه » ليخرج منه اجتهاد المقصر في اجتهاده مع إمكان الزيادة عليه ، فإنه لا يعد في اصطلاح الاصوليين اجتهادا معتبرا.
وأما المجتهد فكل من اتصف بصفة الاجتهاد وله شرطان :
الشرط الأول : أن يعلم وجود الرب تعالى وما يجب له من الصفات ويستحقه من الكمالات ، وأنه واجب الوجود لذاته ، حي عالم قادر مريد متكلم حتى يتصور منه التكليف. وأن يكون مصدقا بالرسول وما جاء به من الشرع المنقول بما ظهر على يده من المعجزات والآيات الباهرات ، ليكون فيما يسنده إليه من الأقوال والأحكام محقا. ولا يشترط أن يكون عارفا بدقائق علم الكلام متبحرا فيه كالمشاهير من المتكلمين بل أن يكون عارفا بما يتوقف عليه الإيمان مما ذكرناه. ولا يشترط أن يكون مستند علمه في ذلك الدليل المفصل بحيث يكون قادرا على تقريره وتحريره ودفع الشبه عنه كالجاري من عادة الفحول من أهل الاصول ، بل أن يكون عالما بأدلة هذه الامور من جهة الجملة لا من جهة التفصيل.
الشرط الثاني : أن يكون عالما بمدارك الأحكام الشرعية وأقسامها وطرق إثباتها ووجوه دلالاتها على مدلولاتها واختلاف مراتبها والشروط المعتبرة فيها على ما بيناه ، وأن يعرف جهات ترجيحها عند تعارضها وكيفية استثمار الأحكام منها ، قادرا على تحريرها وتقريرها والانفصال عن الاعتراضات الواردة عليها. وإنما يتم ذلك بأن يكون عارفا بالرواة وطرق الجرح والتعديل والصحيح والسقيم لا كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وأن يكون عارفا بأسباب النزول والناسخ والمنسوخ في النصوص الأحكامية عالما باللغة والنحو. ولا يشترط أن يكون في اللغة كالأصمعي ، وفي النحو كسيبويه والخليل ، بل أن يكون قد حصل من ذلك ما يعرف به أوضاع العرب والجاري من عاداتهم في المخاطبات بحيث يميز بين دلالات الألفاظ من المطابقة والتضمن والالتزام ، والمفرد والمركب ، والكلي منها
Halaman 67