29

The Fatwa of Sheikh al-Islam on the Ruling of Those Who Change the Laws of Islam

فتوى شيخ الإسلام في حكم من بدل شرائع الإسلام

ولهذا قال أحمد بن حنبل: أهل الغرب هم أهل الشام. يعني هم أهل الغرب. كما أن نجدًا والعراق أول الشرق وكل ما يشرق عنها فهو من الشرق، وكل ما يغرب عن الشام من مصر وغيرها فهو داخل في الغرب.

وفي الصحيحين أن معاذ بن جبل قال في الطائفة المنصورة (١) ((وهم بالشام)). فإنها أصل المغرب وهم فتحوا سائر المغرب كمصر والقيروان والأندلس وغير ذلك. وإذا كان غرب المدينة النبوية ما يغرب عنها، فالنيرة(٢) ونحوها على مسامتة مكة فما يغرب عن النيرة فهو من الغرب الذين وعدهم النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم. وقد جاء في حديث آخر في صفة الطائفة المنصورة ((إنهم بأكناف البيت المقدس)) وهذه الطائفة هي التي بأكناف البيت المقدس اليوم. ومن يدبر أحوال العالم في هذا الوقت يعلم أن هذه الطائفة هي أقوم الطوائف بدين الإسلام علمًا وعملاً وجهادًا عن شرق الأرض وغربها، فإنهم يقاتلون أهل الشوكة العظيمة من المشركين وأهل الكتاب. ومغازيهم مع النصارى ومع المشركين من الترك ومع الزنادقة المنافقين من الداخلين في الرافضة وغيرهم كالإسماعيلية وغيرهم من القرامطة معروفة معلومة قديمًا وحديثًا. والعز الذي للمسلمين بمشارق الأرض ومغاربها هو بعزهم، ولهذا لما هزموا سنة تسع وتسعين وستمائة دخل على أهل الإسلام من الذل والمصيبة بمشارق الأرض ومغاربها ما لا يعلمه إلا الله. والحكايات في ذلك كثيرة ليس هذا موضعها.

وذلك أن سكان اليمن في هذا الوقت ضعاف عاجزون عن الجهاد أو مضيعون له، وهم مطيعون لمن ملك هذه البلاد، حتى ذكروا أنهم أرسلوا بالسمع والطاعة لهؤلاء وملك المشركين لما جاء إلى حلب وجرى بها من القتل ما جرى.

وأما سكان الحجاز فأكثرهم أو كثير منهم خارجون عن الشريعة وفيهم من البدع والضلال والفجور ما لا يعلمه إلا الله، وأهل الإيمان والدين فيهم مستضعفون عاجزون. وإنما تكون لهم القوة والعزة في هذا الوقت لقين أهل الإسلام بهذه البلاد. فلو ذلت هذه الطائفة والعياذ بالله تعالى لكان المؤمنون بالحجاز من أذل الناس لاسيما

(١) النيرة: اسم مكان (٢) مسامته: يقصد على نفس خط الطول الجغرافي

29