Fatinat Imbaratur
فاتنة الإمبراطور: فرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا السابق وعشيقته كاترين شراط
Genre-genre
في ذلك المساء عينه حين كانت نينا عند هرفون درفلت دخلت البارونة مرثا برجن إلى ذلك المنزل، فتلقتها امرأة في نحو الأربعين من العمر ولكنها لم تزل نضيرة الإهاب زاهرة الشباب، وبالغت في الحفاوة بها كاحتفاء المرء بولي نعمته، ودخلت معها إلى غرفة خاصة، فلما جلست البارونة جلست تلك بإزائها ثم سألتها البارونة: أما جاء الفون فرنند فرغتن بعد؟ - لا يا سيدتي، إذا كنت تنتظرينه فلا بد أن يأتي. - أجل أنتظره، ولكن لا أريد أن يكون أحد هنا يا مرغريت. - تعلمين يا سيدتي أن الخادمة تنصرف قبيل العشاء عادة. - وأميليا؟ - أميليا في غرفتها تدرس دروسها.
فابتسمت البارونة قائلة: والفتى الضابط؟ - لا يزال يتحرش بالفتاة تحرشا لطيفا، وسيادتك لا تسمحين لي أن أزجره. - لا، لا أسمح لك أن تزجريه ما دام يعلم أنك تجهلين تحرشه، وما دام تحرشه من بعيد لا يستلفت نظر الفتاة؛ لأني أخاف أن زجره يفضي إلى جلبة أو إلى قيل وقال. وماذا كان من تحرشه؟ - إلى الآن لم يكن شيء خطر سوى أنه يظهر أحيانا من شباك غرفته المقابلة، وأحيانا يقفل الشباك ويفتحه مرارا، وفي بعض الليالي يحرك روافد الشباك ليومض شعاع مصباحه ويختفي على التوالي كأنه يريد بذلك أن يستلفت نظر الفتاة. - عجبا، وأميليا؟ - لا ألاحظ أنها تنتبه لذلك. - هل تراقبينها جيدا؟ - بالطبع. - ألا تظنين أنه يتحرش بالفتاة في ذهابها إلى المدرسة وإيابها منها؟ - ترافقها أنجليك الخادمة في الذهاب والإياب، ولم تقل أنجليك أن أحدا يتأثرهما أو يعترضهما. - أخاف من مكر أنجليك. - بل بالعكس، إن أنجليك مخلصة جدا يا سيدتي، وهي ساذجة لا تعرف المكر. - أخاف أن سذاجتها تعميها عن ملاحظة تحرش الفتى بالفتاة، وربما كانت الفتاة تلعب عليها دورا وهي لا تدري. - لا، لا أعتقد قط أن أميليا تفعل أمرا خفية؛ لأنها عاقلة جدا وتعلم أن ما يفعل خفية إثم. - إذن أنت الساذجة؛ لأنك لا تعلمين أن للصبوة هفوات، لا يقي الصبية منها إلا شديد المراقبة. - إني شديدة المراقبة يا سيدتي وواثقة أن أميليا غير ملتفتة للفتى. - وهل تكررت حركات الفتى الليلية في شباك غرفته؟ - نعم لاحظتها غير مرة. - إذا يجب أن تعلمي أن الفتى لا يكرر هذه الحركات إلا لأنه صادف تشجيعا عليها، متى كانت تبدو حركاته؟ - كانت تبدو عادة بين الساعتين التاسعة والعاشرة، ولكن ليس كل ليلة. - بالطبع لا يبدي هذه الحركات كل ليلة؛ لأنه يكون في بعض الليالي مؤديا وظيفته، فقد علمت أنه من رجال الحرس الإمبراطوري. - إذن ألا تخافين يا سيدتي أن يكون هذا الفتى جاسوسا؟ - ربما كان كذلك؛ ولهذا يجب مراقبته وإنما بكل حذر. الآن الساعة التاسعة والفون فرنند فرغتن لم يأت بعد، فأود أن أراقب حركات هذا الضابط بنفسي، هل تعلم أميليا أني أنا هنا الآن؟ - لا. - إذن لا تدعيها تعلم بوجودي قط، افتحي لها الغرفة المجاورة لغرفتها ولا تضيئيها؛ لأني أود أن أكمن فيها من غير أن تعلم أميليا، يجب ألا يعلم أحد بوجودي في الغرفة. وإذا جاء الفون فرغتن فدعيه ينتظر في هذه القاعة.
وفي الحال دخلت البارونة برجن إلى الغرفة المذكورة وهي لا تزال مظلمة، وجلست لدى الشباك الذي ترى منه شباك الفتى الضابط، وما هي إلا دقائق قليلة حتى رأت النور يومض من خصاص شباك ويختفي، فاشرأبت قليلا حتى صارت ترى النور المعروض من خصائص شباك أميليا يظهر ويختفي أيضا، وكان شعاعه يقع على أشجار الحديقة وينقطع، فقالت في نفسها: إن حذري صائب، فإن الفتى لا يستأنف هذه الحركات كل ليلة بعد أخرى إلا لأن الفتاة تجاوبه عليها.
ثم رأت الفتى قد فتح الشباك على مداه وظهرت قامته فيه، ثم أقفل الشباك وبقي ظله وراءه ظاهرا، وفي الوقت نفسه رأت النور مومضا في شباك الفتاة وقد ظهر منه خيالها ملقى على أرض الحديقة، وظهرت منه حركات إيمائها كأنها تدعو الفتى أن يأتي، فاستهجنت البارونة الأمر جدا واشتد قلقها، ثم رأت أن نور غرفة الفتى قد انطفأ تماما، وتلا انطفاءه انطفاء نور غرفة الفتاة.
ففكرت البارونة هنيهة، ثم أطلت من الشباك في الظلام بكل خفة، فشعرت أن الفتاة جالسة لدى شباكها وكأنها سمعت صوت أنفاسها، فاشتد قلقها وثار دهاؤها، فخرجت من الغرفة بكل خفة وعادت إلى مرغريت وقالت لها أن استدعي الفتاة إلى الغرفة المطلة إلى الشباك واقفليه، واشغليها معك بأي حديث، لا تدعيها تخرج أو تعلم شيئا حتى أقول لك. وعادت البارونة إلى مكمنها، ومرغريت نفذت أمرها بالسرعة والتدقيق، وما هي إلا دقائق حتى شعرت البارونة أن شبحا وثب بخفة من فوق سور الحديقة وغلغل بين أشجارها، فأسرعت ودخلت إلى غرفة الفتاة وهي لا تزال مظلمة، وجلست حيث كانت الفتاة جالسة لدى الشباك، والشباك مفتوح بعض الفتح. وما هي إلا هنيهة حتى شعرت بالشبح قد أصبح تحت الشباك، والشباك لا يعلو عن أرض الحديقة أكثر من قامة إلا قليلا، ثم سمعته يهمس قائلا: أميليا، قبلة من يدك.
فمدت البارونة يدها، وقبل أن يظفر الشبح بها أومأت إليه بها أن يصعد، فقال: أتعنين أن ... أن ...
فهمست بكل خفة قائلة: تصعد، نعم أن تصعد. فهمس: «ألا خوف.» - لا تخف هي نائمة، ألا تقدر أن تصعد؟ - بل أطير.
وفي الحال وضع كفيه على إفريز الشباك فتراجعت البارونة، وفي لحظة كان الشبح صاعدا بقوة ذراعيه حتى صار في الشباك.
فهمست: انزل إلى هنا بكل خفة.
فنزل إلى أرض الغرفة والبارونة أقفلت الشباك بكل لطف، والشبح يهم أن يطوفها وهي تقول: مهلا.
Halaman tidak diketahui