252

Fath Rabbani Min Fatawa

الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

Penyiasat

أبو مصعب «محمد صبحي» بن حسن حلاق [ت ١٤٣٨ هـ]

Penerbit

مكتبة الجيل الجديد

Lokasi Penerbit

صنعاء - اليمن

ولا ريب أن الدعاء عند القبور بغير ما ورد عن الرسول- ﵌ بدعة، فقد مات في عصر النبوة أجلاء الصحابة، ومنهم حمزة أسد الله وأسد رسوله ﵌ وشهداء أحد، وشهداء بدر، ومات عثمان بن مظعون (١) الذي بكى عليه النبي- ﵌ وعلم على قبره بصخرة ليلحق به من مات من أهله. وسعد بن معاذ (٢) الذي اهتز عرش الرحمن لموته، وغيرهم من أكابر الصحابة ولم يؤثر عن النبي- ﵌ أنه أرشد أحدا من أمته أنه إذا أهمته مهمة، أو نزلت به حاجة أن يأتي إلى قبر فلان من الصحابة ويقصده في قضاء الحاجات، ويتوسل به في المهمات. وعرفهم أنه- ﵌ سيموت، ولم يرشدهم أنه إذا نابتهم نائبة أن يأتون إلى قبره الشريف، ويدعون عنده، وقبره سيد القبور، وعصره خير العصور. بل قال: "لا تتخذوا قبري عيدا" (٣) وعرفهم بالمحلات والأوقات التي تستجاب فيها الدعوات، ولم يقل إن قبر سعد بن معاذ الذي اهتز له عرش الرحمن، أو قبر سيد الشهداء ترياق مجرب لقضاء الحاجات ونيل الطلبات.
فتعمد القبور للأدعية لديها، والتوسل بأهلها لا يخفى على متحل بالإنصاف، متخل عن الاعتساف أنه بدعة لم يأت بها أثر عن النبي- ﵌ ولا عن أصحابه- ﵃ ولا عن التابعين.
وخير الأمور السالفات على الهدى ... وشر الأمور المحدثات البدائع [٥]
ويكفي المتدين بدين الإسلام قوله- ﵊: " كل عمل ليس عليه

(١) أخرجه الترمذي رقم (٩٨٩) وأبو داود رقم (٣١٦٣) وابن ماجه رقم (١٤٥٦) عن عائشة أن النبي ﷺ قبل عثمان بن مظعون وهو ميت وهو يبكى. أو قال عيناه تزرفان. وهو حديث صحيح.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٣٨٠٣) ومسلم رقم (٢٤٩٦) من حديث جابر.
(٣) سيأتي تخريجه (ص ٣٢٥).

1 / 292