Fath Rabbani Min Fatawa
الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني
Penyiasat
أبو مصعب «محمد صبحي» بن حسن حلاق [ت ١٤٣٨ هـ]
Penerbit
مكتبة الجيل الجديد
Lokasi Penerbit
صنعاء - اليمن
حديث آخر: " وهي من أنا عليه اليوم وأصحابي ".
قلت: هذا التعيين وإن قلل شيئا من ذلك التخويف والتنفير لكن قد تعاورت هذه الفرقة المعينة الدعاوي وتناوبتها الأماني، فكل طائفة من الطوائف تدعي لنفسها أنها الجماعة وأنها الظافرة بما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه، وأنهم الذين لا يزالون على الحق ظاهرين.
فإن قلت إن معرفة الجماعة ومعرفة المتصفين بموافقة ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه ممكنة، ومن ادعى من المبتدعة إثبات ذلك الوصف لنفسه فدعواه مردودة عليه مضروب بها في وجهه. قلت: نعم، ولكن ليس ههنا حجة شرعية توجب علينا المصير إلى هذا التعيين وتلجئنا إلى تكلف تعين الفرق الهالكة وتعدادها فرقة فرقة كما فعله كثير من المتكلفين للكلام على هذا الحديث.
وأما ما ذكره السائل- كثَّر الله فوائده- من قوله هل يدل على هذا الافتراق قديما وحديثا أم على زمان مخصوص فالجواب عنه أن الافتراق لما كان منسوبا إلى الأمة، وحيث قال ﷺ وتفترق أمتي على ثلاث وسبعن فرقة كما في حديث أبي هريرة المذكور، وكذلك قوله ﷺ في حديث معاوية المذكور وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين - كان ذلك صادقا على هذه الأمة بأسرها وعلى هذه الملة أولها وآخرها من دون تخصيص لبعض منها دون بعض ولا لعصر دون عصر، فأفاد ذلك أن هذا الافتراق المنتهي إلى ثلاث وسبعن فرقة كائن في جميع هذه الأمة من أولها إلى آخرها، ومن زعم اختصاص ذلك [٣٣] بأهل عصر من العصور أو بطائفة من الطوائف فقد خالف الظاهر بلا سبب يقتضى ذلك.
وأما ما ذكره السائل عافاه الله من أنها قد ثبتت نجاة الصحابة، فهل يدل على أنهم لم يختلفوا في الأصول أصلا ... إلخ؟
فالجواب أن السائل إن كان يريد بيان ما عند المسئول غفر الله له فالذي عنده أنه لا ملازمة بين نجاة جميع الصحابة ﵃ وبين عدم اختلافهم في الأصول بل يجوز الحكم
1 / 209