45

Fath Qadir

فتح القدير

Penerbit

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٤ هـ

Lokasi Penerbit

بيروت

سَائِرُ الْمَعَانِي الَّتِي تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى النَّفْسِ، كَالرُّوحِ وَالدَّمِ وَالْقَلْبِ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمُ الْمُنَافِقُونَ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَمَنْ كَانَ عَلَى أَمْرِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْمُنَافِقُونَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ أَخْوَفَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَا النِّفَاقُ؟ قَالَ: أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ وَلَا يَعْمَلَ بِهِ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: أَنَّ قَائِلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا النَّجَاةُ غَدًا؟ قَالَ: لَا تُخَادِعِ اللَّهَ. قَالَ: وَكَيْفَ نُخَادِعُ اللَّهَ؟ قَالَ: أَنْ تَعْمَلَ بِمَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ تُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ، فَاتَّقُوا الرِّيَاءَ فَإِنَّهُ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، فإن المرائي ينادى يوم القيامة على رؤوس الْخَلَائِقِ بِأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ: يَا كَافِرُ، يَا فَاجِرُ، يَا خَاسِرُ، يَا غَادِرُ، ضَلَّ عَمَلُكَ وَبَطَلَ أَجْرُكَ، فَلَا خَلَاقَ لَكَ الْيَوْمَ عِنْدَ اللَّهِ، فَالْتَمِسْ أَجْرَكَ مِمَّنْ كُنْتَ تَعْمَلُ لَهُ يَا مُخَادِعُ، وَقَرَأَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحًا «١» الآية، وإِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ «٢» الْآيَةَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ زَيْدٍ عَنْ قَوْلِهِ: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ يُخَادِعُونَ الله ورسوله، والذين آمنوا: أنهم مؤمنون بِمَا أَظْهَرُوهُ. وَعَنْ قَوْلِهِ: وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ. أَنَّهُمْ ضَرُّوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا أَضْمَرُوا مِنَ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: يُخادِعُونَ اللَّهَ قَالَ: يُظْهِرُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُرِيدُونَ أَنْ يُحْرِزُوا بِذَلِكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَفِي أنفسهم غير ذلك. [سورة البقرة (٢): آية ١٠] فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) الْمَرَضُ: كُلُّ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنْ حَدِّ الصِّحَّةِ من علة أو نفاق أَوْ تَقْصِيرٍ فِي أَمْرٍ، قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ. وَقِيلَ: هُوَ الْأَلَمُ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا مُسْتَعَارًا لِلْفَسَادِ الَّذِي فِي عَقَائِدِهِمْ إِمَّا شَكًّا وَنِفَاقًا، أَوْ جَحْدًا وَتَكْذِيبًا وَتَقْدِيمُ الْخَبَرِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ المرض مختص بها، مبالغة فِي تَعَلُّقِ هَذَا الدَّاءِ بِتِلْكَ الْقُلُوبِ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَسَدِ وَفَرْطِ الْعَدَاوَةِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُمْ كَذَلِكَ بِمَا يَتَجَدَّدُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ النِّعَمِ، وَيَتَكَرَّرُ لَهُ مِنْ مِنَنِ اللَّهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً عَلَيْهِمْ بِزِيَادَةِ الشَّكِّ وَتَرَادُفِ الْحَسْرَةِ وَفَرْطِ النِّفَاقِ. وَالْأَلِيمُ الْمُؤْلِمُ: أَيِ الْمُوجِعِ، وَ«مَا» فِي قَوْلِهِ: بِما كانُوا يَكْذِبُونَ مَصْدَرِيَّةٌ: أَيْ بِتَكْذِيبِهِمْ وَهُوَ قَوْلُهُمْ: آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ والقرّاء مجمعون على فتح الراء في قَوْلِهِ: مَرَضٌ، إِلَّا مَا رَوَاهُ الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ قَرَأَ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ يَكْذِبُونَ بِالتَّخْفِيفِ، وَالْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قَالَ: شَكٌّ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا قَالَ: شَكًّا. وَأَخْرَجَ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ

(١) . الكهف: ١١٠. (٢) . النساء: ١٤٢.

1 / 49