141

Fath Qadir

فتح القدير

Penerbit

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٤ هـ

Lokasi Penerbit

بيروت

وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ قَالَ: لَيْسَ لَهُ دِينٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ قَالَ: بَاعُوا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: لَمَثُوبَةٌ قَالَ: ثَوَابٌ. [سورة البقرة (٢): الآيات ١٠٤ الى ١٠٥] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥) قَوْلُهُ: راعِنا رَاقِبْنَا، وَاحْفَظْنَا، وَصِيغَةُ الْمُفَاعَلَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى راعِنا: ارْعَنَا وَنَرْعَاكَ، وَاحْفَظْنَا وَنَحْفَظُكَ، وَارْقُبْنَا وَنَرْقُبُكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَرْعِنَا سَمْعَكَ، أي: فرغه لكلامنا، وجه النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كَانَ بِلِسَانِ الْيَهُودِ سَبًّا قِيلَ: إِنَّهُ فِي لُغَتِهِمْ بِمَعْنَى اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ رَاعِنَا طَلَبًا مِنْهُ أَنْ يُرَاعِيَهُمْ مِنَ الْمُرَاعَاةِ اغْتَنَمُوا الْفُرْصَةَ، وَكَانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ كَذَلِكَ مُظْهِرِينَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَعْنَى الْعَرَبِيَّ، مُبْطِنِينَ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ السَّبَّ الذي مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ فِي لُغَتِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَجَنُّبُ الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلسَّبِّ وَالنَّقْصِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُفِيدَ لِلشَّتْمِ، سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَدَفْعًا لِلْوَسِيلَةِ، وَقَطْعًا لِمَادَّةِ الْمَفْسَدَةِ وَالتَّطَرُّقِ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِأَنْ يُخَاطِبُوا النَّبِيَّ ﷺ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْصَ وَلَا يَصْلُحُ لِلتَّعْرِيضِ فَقَالَ: وَقُولُوا انْظُرْنا أَيْ: أَقْبِلْ عَلَيْنَا وَانْظُرْ إِلَيْنَا، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: ظَاهِرَاتُ الْجَمَالِ وَالْحُسْنِ يَنْظُرْ ... نَ كَمَا يَنْظُرُ الْأَرَاكَ الظِّبَاءُ أَيْ: إِلَى الْأَرَاكِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ انْتَظِرْنَا وَتَأَنَّ بِنَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: فَإِنَّكُمَا إِنْ تُنْظِرَانِي سَاعَةً ... مِنَ الدّهر ينفعني لَدَى أُمِّ جُنْدَبِ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ (أَنْظِرْنَا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ بِمَعْنَى: أَخِّرْنَا وَأَمْهِلْنَا حَتَّى نَفْهَمَ عَنْكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: أَبَا هِنْدٍ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْنَا ... وَأَنْظِرْنَا نُخَبِّرْكَ الْيَقِينَا وَقَرَأَ الْحَسَنُ راعِنا بِالتَّنْوِينِ، وَقَالَ: الرَّاعِنُ مِنَ الْقَوْلِ: السُّخْرِيُّ مِنْهُ. انْتَهَى. وَأَمَرَهُمْ بَعْدَ هَذَا النَّهْيِ وَالْأَمْرِ بِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَاسْمَعُوا أَيِ: اسْمَعُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ وَنُهِيتُمْ عَنْهُ، وَمَعْنَاهُ: أَطِيعُوا اللَّهَ فِي تَرْكِ خِطَابِ النَّبِيِّ ﷺ بِذَلِكَ اللَّفْظِ، وَخَاطِبُوهُ بِمَا أُمِرْتُمْ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: اسْمَعُوا مَا يُخَاطِبُكُمْ بِهِ الرَّسُولُ مِنَ الشَّرْعِ، حَتَّى يَحْصُلَ لَكُمُ الْمَطْلُوبُ بِدُونِ طَلَبٍ لِلْمُرَاعَاةِ، ثُمَّ تَوَعَّدَ الْيَهُودَ بِقَوْلِهِ: وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَعِيدًا شَامِلًا لِجِنْسِ الْكَفَرَةِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا

1 / 145