179

Fath Mubin

الفتح المبين بشرح الأربعين

Penerbit

دار المنهاج

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

Lokasi Penerbit

جدة - المملكة العربية السعودية

Genre-genre

ومن ثَمَّ صح: "لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع" (١) أي: لئيم بن لئيم.
وصح أيضًا: "من أشراط الساعة أن توضع الأخيار وترفع الأشرار" (٢).
وقد بالغ ﷺ في روايةٍ في تحقيرهم، فوصفهم بأنهم صمٌّ بكمٌ (٣)؛ أي: جهلةٌ رَعَاع، لم يستعملوا أسماعهم ولا ألسنتهم في علمٍ ونحوه من أمر دينهم، فلعدم حصول ثمرتي السمع واللسان صاروا كأنهم عدموهما؛ ومن ثَمَّ قال اللَّه تعالى في حقهم: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ قيل: فيه دليلٌ لكراهة تطويل البناء. اهـ (٤)
وفي إطلاقه نظر، بل الوجه: تقييد الكراهة -إن سُلِّمت؛ لما يأتي لا لهذا، فقد مر أن جَعْلَ الشيء من أمارات الساعة لا يقتضي ذمه- بما لا تدعو الحاجة إليه، وعليه يحمل خبر: "يؤجر ابن آدم على كل شيءٍ إلا ما يضعه في هذا التراب" (٥).
وخبر أبي داوود: أنه ﷺ خرج فرأى قُبةً مشرِفةً، فقال: "ما هذه؟ " قالوا: هذه لرجلٍ من الأنصار، فجاء فسلَّم على النبي ﷺ، فأعرض عنه، فعل ذلك مرارًا، فهدمها الرجل (٦).
وخبر الطبراني: "كل بناءٍ -وأشار بيده هكذا على رأسه- أكثر من هذا فهو وبالٌ" (٧).
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمار بن أبي عمار قال: (إذا رفع الرجل بناءه فوق سبعة

(١) أخرجه الترمذي (٢٢٠٩)، والإمام أحمد (٥/ ٣٨٩) عن سيدنا حذيفة بن اليمان ﵄.
(٢) أخرجه الحاكم (٤/ ٥٥٤) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمرو ﵄ بنحوه.
(٣) وهي رواية الإمام محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (٣٦٧) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمر ﵄ من حديث طويل؛ واللفظ فيه: "وأن ترى الصم البكم العمي رعاء الشاء يتطاولون البناء ملوك الناس. . . ".
(٤) قوله: (الكراهة تطويل البناء) أي: كراهة تنزيه؛ لأنه متى أُطلقت الكراهة. . فالمراد بها ذلك. اهـ "مدابغي"
(٥) أخرجه البخاري (٥٦٧٢)، والترمذي (٢٤٨٣) عن سيدنا خباب ﵁ بنحوه.
(٦) انظر "سنن أبي داوود" (٥٢٣٧) عن سيدنا أنس ﵁.
(٧) المعجم الأوسط (٣١٠٥) عن سيدنا أنس ﵁.

1 / 183