Fath Arab untuk Mesir
فتح العرب لمصر
Genre-genre
9
والظاهر أن «بنيامين» لم يستشره أحد في رأي القبط وما ينتظر منهم أن يفعلوا لقاء ما يراد إدخاله من البدعة الجديدة عليهم ، وكان خطأ فاحشا ألا يستشيره أحد في ذلك؛ فإن المذهب الجديد كان محتوما عليه ألا يلقى في مصر نجاحا. فما هو إلا أن جاء «قيرس» إلى الإسكندرية في خريف سنة 631 حتى هرب البطريق القبطي.
10
وقد جاء في إحدى القصص أن ملكا أتى «بنيامين» في نومه، فأنذره أن يهرب مما هو لا بد واقع من العسف. وهذا يدل على الأقل على أن ذلك البطريق كان قد عقد النية على أن يرفض ما جاء به «قيرس» قبل أن يفضي به إليه، وعرف ما سيكون وراء ذلك من الآثار، وكان عزمه ذاك غير مزعزع، سواء أكان عارفا بحقيقة ما جاء به «قيرس» أم كان غير عارف بها. ففي الحق قد رأى القبط في مقدم «قيرس» إيذانا لهم بحرب يثيرها الروم على عقيدتهم. وقد دبر «بنيامين» أمور الكنيسة قبل أن يغادر ولايتها، وجمع جمعا من القسوس والرعية، وألقى فيهم خطابا «يحضهم فيه على أن يثبتوا على عقيدتهم حتى يوافيهم الموت»، ثم كتب إلى أساقفته جميعا يأمرهم بالهجرة إلى الجبال والصحاري ليتواروا فيها حتى يرفع الله عنهم غضبه، وأنبأهم أن البلاد سيحل بها وبال، وأنهم سيلقون العسف والظلم عشر سنين ثم يرفع ذلك عنهم.
هذا ما بعث به في خطابه إليهم. ولما أنفذه سافر من الإسكندرية خفية تحت جنح الليل لا يصحبه إلا رفيقان، وخرج من المدينة من الباب الغربي، وسار يمشي إلى مريوط، ومن ثم ذهب إلى «المنى»،
11
وهي قرية في واحة عند مفترق الطريقين طريق الإسكندرية ووادي النطرون وطريق الطرانة وبرقة. ولا بد قد كانت تلك القرية عند ذلك مدينة عظيمة؛ فإنها بقيت إلى ما بعد ذلك بقرون، وكان المسافر في الصحراء والقفار إذا طلع عليها عجب من عظيم كنائسها وفخم بنيانها.
12
ولا شك أن البطريق دخل يصلي في الكنيسة العظمى بها كنيسة «القديس مينا»، واستراح قليلا بها ثم مضى في سبيله إلى جبل اسمه برنوج،
13
Halaman tidak diketahui