Fath Arab untuk Mesir
فتح العرب لمصر
Genre-genre
في المدينة، وكانت دور الصناعة دائبة على عمل السلاح والحديد، ووضعت الجنود على الأسوار ومعهم آلات الدفاع القوية، ويلوح أن «بنوسوس» أرسل «بول» لكي يأتي المدينة من الجنوب بأسطول من السفن. ولعل ذلك كان عند الموضع الذي تدخل فيه الترعة إلى المدينة من بابين عظيمين من الحجر، بناهما «طاطيان»، وحصنهما في أيام الإمبراطور «فالنس»، ولكن لما جاء أسطول «بول» حتى صار على مدى الرمي من آلات الدفاع بالمدينة، قذفت عليه الحجارة الضخمة قذفا مريعا، فوقعت بين السفن تحطم منها، فلم يستطع «بول» أن يقترب من الأسوار، وأمر سفنه بالرجوع خوف أن تغرق أو تتحطم؛ فانظر ما بلغته مجانيق الإسكندرية من القوة في ذلك الوقت.
الفصل الثالث
خيبة بنوسوس
يظهر أن «بنوسوس» وإن كان قد جعل سيره بحذاء ترعة كليوباترا، وهي أكبر الترع التي تخرج من الفرع البلبيتي ذاهبة نحو الإسكندرية، قد اتخذ سبيل البر على الأقل في المرحلة الأخيرة من مسيره، وقد نزل أول منزل له في «ميفاموميس»، ثم نزل في «دمكاروني» بحسب رواية الأسقف المصري. ولسنا نجد وصفا لهذين الموضعين في كتاب «زوتنبرج»، حتى إنهما ليحيران من يسمع بهما أول الأمر. غير أنه ورد في سياق ذلك الكتاب أن «ميفاموميس» هي «شبرا» في وقتنا هذا، وهذه لا بد أن تكون «شبرا» القريبة من دمنهور. ويذكر «شمبوليون» مدينة اسمها «موممفيس»،
1
ويقول إنها على سبعة فراسخ من دمنهور إلى جهة الغرب، ويسمي المدينة الأخيرة «تيمنهور» بحسب ما كانت معروفة به عند المصريين القدماء؛ وعلى ذلك فلسنا نتردد في أن نقول إن «ميفاموميس» هي بعينها «موممفيس»، وإن موضعها بقرب دمنهور، ولكن «شمبوليون» لا يمكن أن يكون على حق في قوله إنها هي عينها «بانوف خت» التي سماها العرب «منوف السفلى»، والتي يقول ذلك العالم الفرنسي إنها على مسافة واحد وعشرين ميلا من «دمنهور»، وهي مسافة يستحيل تصورها.
أما «دمكاروني» فلا يستطيع الإنسان أن يذكر اسما شبيها في كتاب آخر، ولكنا إذا علمنا أن «دم» أو «تم» كان حرفا يوضع في أول أسماء البلاد في اللغة المصرية القديمة، ومعناه «مدينة»، إذا ذكرنا ذلك لم يكن ثم موضع للشك في نظرنا أن «دمكاروني» هي الاسم القبطي لمدينة «كيريوم» أو «كريون».
2
وهذا التفسير يتفق كل الاتفاق مع وصف ذلك الإقليم؛ فإن «كريون» كانت واقعة إلى الغرب على الترعة التي كان «بنوسوس» يسير عليها، وذلك يتفق مع ما ورد في الكتاب، وهي فوق ذلك في نحو منتصف المسافة بين الإسكندرية ودمنهور؛ إذ هي على نحو ثمانية وثلاثين كيلومترا من الإسكندرية، وعلى نحو واحد وثلاثين كيلومترا من دمنهور.
سار «بنوسوس» من «كريون» ولم يلق كيدا إلى أن بلغ الجانب الشرقي من العاصمة، وهناك وقف بجيشه على مرأى من أسوار المدينة، وعقد النية على أن يهاجمها في غده، وهو يوم الأحد. وإنه لمما نتوق إليه لو استطعناه أن نعرف الوسائل التي كان يطمع أن يصدع بها الأسوار العالية والحصون المنيعة التي كانت تحرس تلك المدينة الكبرى.
Halaman tidak diketahui