Fath Arab untuk Mesir
فتح العرب لمصر
Genre-genre
وكانت الدولة عند ذلك كأنها سائرة إلى الدمار لا ينجيها منه شيء؛ فكان حكم «فوكاس» حكما ظالما، قائما على جيش فاسد، تدعمه عصبة فاسدة من الأشراف، حكما تتناقص هيبته وقوته كلما بعدت عن قصبته ميلا فميلا، وسلط على أنحاء الدولة سوط عذاب من الحكم السيئ، حتى لأصبحت وأقل بلادها عذابا تلك الأقاليم التي تستعر فيها الحرب مع الفرس أو مع همج الشمال.
وفي الحق لم يكن في بلاد الدولة الرومانية ما هو أشقى حالا من مصر؛ فقد سعى «جستنيان» جهده ليجبر القبط الذين ليسوا على مذهب الدولة (الأرثوذكسي) فيدخلهم في ذلك المذهب، ولكن امرأته «ثيودورا» عملت من جانب آخر، فأفسدت بعض سعيه؛ إذ كانت تعطف على مذهب هؤلاء الأقباط عطفا ظاهرا.
3
على أن ذلك العطف ما عتم أن قضى عليه الإمبراطور «جستن» وعفا أثره؛ ومن ثم عاد الكفاح الشديد الذي ثار قديما بين طائفتي «الملكانيين» و«المونوفيسيين»،
4
وصار أشد سعيرا، ولم يكن عند قبط مصر هم أكبر منه يملأ قلوبهم ويملك عليهم آمالهم؛ فلم يكن عجبا على ذلك أن يسمع صليل السلاح بين حين وحين في مدينة الإسكندرية نفسها، وأن تمتلئ أرض الصعيد بعصابات اللصوص وقطاع الطرق،
5
ويغزو أكنافها البدو وأهل النوبة، بل لم يكن عجبا أن تضطرب الأحوال في مصر السفلى، فتصبح ميدانا للشغب تثور بها فتن بين الطوائف توشك أن تكون حربا أهلية،
6
ولم يكن عجبا أن يكون هذا في بلاد أصبح الحكام فيها لا هم لهم إلا أن يجمعوا المال لخزائن الملك البيزنطي وحاشيته، وأن تكون لمذهبهم الديني اليد العليا بين أهل البلاد؛ فصار الحكم على أيديهم أداة لا تؤدي إلا إلى الظلم ونشر الشقاء؛ فالحق هو أن بلاد مصر إذ ذاك كانت جميعها تضطرم بنار الثورة، ورغبة الخروج لا يغطيها إلا غطاء شفيف من الرماد.
Halaman tidak diketahui