Fath Ali
فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك
Penerbit
دار المعرفة
Nombor Edisi
بدون طبعة وبدون تاريخ
Genre-genre
Fatwa
قُلْتُمْ لِهَذَا الْمُقَلِّدِ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ شَاءَ مِنْ عُلَمَاءِ مَذْهَبِ إمَامِهِ فَبَيِّنُوا لَنَا كَيْفِيَّةَ التَّقْلِيدِ هَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ وَالتَّشَهِّي بِمَا يُوَافِقُ غَرَضَهُ وَلَا حَرَجَ عَلَى الْمُكَلَّفِ إذَا وَافَقَ غَرَضُهُ الْعِلْمَ. فَجَوَابُهُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ رَحْمَةٌ مِنْ اللَّهِ وَسَعَةٌ وَجَائِزٌ لِمَنْ نَظَرَ فِي اخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ النَّاظِرُ فِي أَقَاوِيلِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ خَطَأٌ فَإِذَا بَانَ لَهُ أَنَّهُ خَطَأٌ لِمُخَالَفَتِهِ نَصَّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَسَعْهُ اتِّبَاعُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَوَابَهُ مِنْ خَطَئِهِ وَصَارَ فِي حَيِّزِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُقَلِّدَ الْعَالِمَ إذَا سَأَلَتْهُ عَنْ شَيْءٍ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ وَجْهَهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا قَوْلٌ يُرْوَى مَعْنَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ سَأَلْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا لَمْ يَجْهَرْ فِيهِ فَقَالَ إنْ قَرَأْت فَلَكَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَإِنْ لَمْ تَقْرَأْ فَلَكَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أُسْوَةٌ.
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَا بَرِحَ الْمُفْتُونَ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُحِلُّ هَذَا وَيُحَرِّمُ هَذَا فَلَا يَرَى الْمُحَرِّمُ أَنَّ الْمُحَلِّلَ هَلَكَ بِتَحْلِيلِهِ وَلَا يَرَى الْمُحَلِّلُ أَنَّ الْمُحَرِّمَ هَلَكَ بِتَحْرِيمِهِ.
وَعَنْ الشَّعْبِيِّ اجْتَمَعْنَا عِنْدَ ابْنِ هُبَيْرَةَ فِي جُمْلَةٍ مِنْ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فَجَعَلَ يَسْأَلُهُمْ حَتَّى انْتَهَى إلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ فَيَقُولُ لَهُ قَالَ فُلَانٌ كَذَا، وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ قَدْ سَمِعَ الشَّيْخُ عِلْمَ الْوَاعِينَ بِرَأْيٍ وَالْحُجَّةُ لِهَؤُلَاءِ قَوْلُهُ ﷺ «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ» قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ قَدْ رَفَضَهُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلُ النَّظَرِ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مُتَقَدِّمِينَ وَمُتَأَخِّرِينَ يَمِيلُونَ إلَيْهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْبَابِ فَمَرَّةً قَالَ أَمَّا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَآخُذُ بِقَوْلِ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ وَلَا أَخْرُجُ عَنْ قَوْلِ جَمِيعِهِمْ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُنِي النَّظَرُ فِي أَقَاوِيلِ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ فَمَنْ دُونَهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ لِلصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ لِغَيْرِهِمْ وَأَظُنُّهُ مَالَ إلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِلَى نَحْوِ هَذَا كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الصَّيْرَفِيُّ: قُلْت لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي مَسْأَلَةٍ هَلْ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي أَقْوَالِهِمْ لِنَعْلَمَ مَعَ مَنْ الصَّوَابُ مِنْهُمْ فَتَتَبَّعْهُ فَقَالَ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْت كَيْفَ الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ تُقَلِّدُ أَيَّهُمْ أَحْبَبْت قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَرَ النَّظَرَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ خَوْفًا مِنْ التَّطَرُّقِ إلَى النَّظَرِ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْمَعْنَى ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ «أَصْحَابِي
1 / 80