Pembukaan Andalusia

Jurji Zaydan d. 1331 AH
78

Pembukaan Andalusia

فتح الأندلس

Genre-genre

قال يعقوب: «لم أحمل منها شيئا لأننا ذاهبون إليها غدا.»

قال ألفونس: «رأيتك متأبطا شيئا فما هو؟»

فضحك يعقوب وقال: «لا شيء!»

فاشتدت رغبة ألفونس في استطلاع حقيقة ذلك الشيء فقال: «هل ثمة ما يمنع اطلاعي عليه؟»

قال: «انتظر إلى الصباح يا مولاي ولا بد من اطلاعك عليه.»

وفي الصباح التالي نهض ألفونس وهو شديد الشوق لمعرفة ما في الصرة، ولم يكد ينهض من الفراش حتى جاءه يعقوب بالثياب فغسل وجهه ومشط شعره ولبس ثوبه استعدادا للنزول إلى المدينة، وهو يتظاهر بالصبر على استطلاع ما في الصرة حتى يأتيه بها يعقوب من تلقاء نفسه. فلما فرغ ألفونس من كل شيء ولم يبق إلا الخروج، دخل يعقوب والصرة في يده، وأغلق باب الغرفة وراءه، فوقف ألفونس واستعد لمشاهدة ما فيها، ففتحها يعقوب وأخرج منها شيئا من نسيج أسود شبيه بأقبية الكهنة، وإذا هما ثوبان أسودان كل منهما جلباب طويل يغطي الساق إلى أسفل القدم، فتناول يعقوب أحدهما وبسطه وقدمه إلى ألفونس وهو يقول: «البس هذا الجلباب يا مولاي.» فوضعه ألفونس على كتفيه والتف به فغطى كل أثوابه، ولبس يعقوب الجلباب الآخر والتف به، ثم مد يده إلى طوق ذلك الجلباب من خلف العنق فأخرج منه شيئا كالكيس معلقا من أحد جوانبه بالطوق من الوراء، وأرسل ما بقي منه على رأسه حتى اشتمل على الرأس والوجه جميعا. وفي غطاء الوجه ثلاثة ثقوب: ثقبان للعينين وثقب للفم، فأصبح يعقوب شبحا أسود. وتقدم إلى ألفونس فأخرج الكيس من قفا عنقه وألبسه إياه حتى صار مثله، وكان يعقوب يفعل ذلك وألفونس صابر ليرى نهاية هذه العملية. فلما فرغ يعقوب من ارتداء الجلباب قال: «هذا الذي أتيتك به من أستجة فانزعه الآن إلى حين الحاجة.»

فاستغرب ألفونس مما عمله يعقوب، وقال: «ومتى نحتاج إليه؟»

قال: «قريبا إن شاء الله، لا تكن لجوجا.» قال ذلك ونزع جلبابه والجلباب الآخر عن ألفونس، وطوى كلا منهما على حدة وجعل أحدهما تحت درعه من جهة الصدر وأرخى الدرع عليه حتى اختفى تحتها، وأتى بالجلباب الآخر وطواه وطلب إلى ألفونس أن يخفيه تحت درعه، ففعل وهو لا يفهم الغرض من ذلك، ثم قال يعقوب: «هلم بنا إلى الكنيسة.»

وبينما كان يعقوب وألفونس في طريقهما للخروج من القلعة، التقيا عند الباب بومبا، فوقف للتحية فقال ألفونس: «إني ذاهب إلى الكنيسة فاحفظ ما عندك.» فأشار ومبا برأسه ويده بالسمع والطاعة.

سار ألفونس ويعقوب يتبعه، وليس معه من الخدم والأعوان سواه، حتى مرا على الجسر، ودخلا باب المدينة وهما لا يتكلمان لأن يعقوب لا يقدم على الكلام إلا جوابا على خطاب جريا على عادتهم في معاملة الملوك. وكان ألفونس غارقا في الهواجس لا ينتبه لشيء مما حوله، فقد كان مشغول البال بفلورندا ورودريك وحديث يعقوب وذلك الثوب الأسود، ولم يفق من تلك الخواطر حتى دخل الأسواق والناس يتسابقون فيها نحو الكنيسة. وبعد هنيهة أفضى بهما المسير إلى ساحة كبيرة في وسط المدينة هي ملتقى الناس من كل ناحية، ولم يكن ألفونس يعرف الطريق إلى الكنيسة وإنما كان يقتفي خطوات يعقوب أو إشاراته. وبعد أن قطعا تلك الساحة أطلا على باب فخم تزاحمت عنده الأقدام بين داخل وخارج، فوقف يعقوب هناك وقال: «هذا باب الشارع الأعظم وهذه هي الكنيسة.» وأشار بيده إلى باب كبير بجواره، فاتجها نحوه ودخلا مثل سائر الداخلين والناس لا يعلمون من هو ألفونس، ولكنهم تبينوا من استرسال شعره ونوع لباسه أنه من الأشراف وأصحاب المناصب.

Halaman tidak diketahui