84

Fath al-Qadir Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Penerbit

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1389 AH

Lokasi Penerbit

مصر

Genre-genre

Fiqh Hanafi
:
هُوَ نَجِسٌ لِقَوْلِهِ ﵊ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» الْحَدِيثَ، وَلِأَنَّهُ مَاءٌ أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ الْحُكْمِيَّةُ فَيُعْتَبَرُ بِمَاءٍ أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ الْحَقِيقِيَّةُ، ثُمَّ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً
ــ
[فتح القدير]
إلَى تَأَمُّلِ وَجْهِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كَوْنِهِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالْإِدْخَالِ لِلتَّبَرُّدِ مَحْمَلُهُ مَا إذَا كَانَ مُحْدِثًا، أَمَّا إنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا فَلَا، إذْ لَا بُدَّ عِنْدَ عَدَمِ ارْتِفَاعِ الْحَدَثِ مِنْ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ لِثُبُوتِ الِاسْتِعْمَالِ.
وَكَذَا إطْلَاقُ ثُبُوتِ الِاسْتِعْمَالِ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ أَقْرَبُ فِي هَذَا، وَكَذَا مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لَا نَجِسًا، فَأَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ سِوَى الزِّيَادَةِ وَالْغَسْلِ تَبَرُّدًا لَا تَقَرُّبًا وَاسْتِنَانًا يَجِبُ أَنْ لَا يَصِيرَ مُسْتَعْمَلًا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ.
قَالَ فِي الْمُبْتَغَى وَغَيْرِهِ: بِتَبَرُّدِهِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إنْ كَانَ مُحْدِثًا وَإِلَّا فَلَا، وَبِغَسْلِ ثَوْبٍ طَاهِرٌ أَوْ دَابَّةٍ تُؤْكَلُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا، وَكَذَا بِغَسْلِ بَدَنِهِ أَوْ رَأْسِهِ لِلطِّينِ أَوْ الدَّرَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا لِظُهُورِ قَصْدِ إزَالَةِ ذَلِكَ.
وَوُضُوءُ الصَّبِيِّ كَالْبَالِغِ، وَبِتَعْلِيمِ الْوُضُوءِ إذَا لَمْ يُرِدْ سِوَى مُجَرَّدِ التَّعْلِيمِ لَا يُسْتَعْمَلُ، وَبِوُضُوءِ الْحَائِضِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّ وُضُوءَهَا مُسْتَحَبٌّ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الْحَيْضِ، وَلَا يَخْفَى انْتِهَاضُ الْوَجْهِ عَلَى مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ إنَّ الطَّهُورَ يَطْهُرُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَقَوْلُهُ هُوَ كَالْقُطُوعِ لَا يُجْدِيهِ شَيْئًا وَكَشْفُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَفْهُومِ الطَّهُورِ أَنْ يَطْهُرَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَضْلًا عَنْ التَّكَرُّرِ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ لَيْسَ إلَّا الْمُبَالَغَةُ فِي الطَّاهِرِ، كَذَا كُلُّ مَا كَانَ عَلَى صِيغَةِ فَعُولٍ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ سِوَى الْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ الْوَصْفِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ لَا تَسْتَلْزِمُ تَطْهِيرَ غَيْرِهِ، بَلْ رَفْعُ مَانِعِ الْغَيْرِ لَيْسَ إلَّا أَمْرًا شَرْعِيًّا لَوْلَا اسْتِفَادَتُهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: ١١] لَمَا أَفَادَهُ الْمَاءُ أَخْذًا مِنْ صِيغَةِ

1 / 88