128

Fath al-Qadir Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Penerbit

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1389 AH

Lokasi Penerbit

مصر

Genre-genre

Fiqh Hanafi
بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الطَّهَارَةِ (وَإِنْ تَوَضَّأَ لَا يُرِيدُ بِهِ الْإِسْلَامَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ مُتَوَضِّئٌ) خِلَافًا لَلشَّافِعِيِّ ﵀ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ.
(فَإِنْ تَيَمَّمَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى تَيَمُّمِهِ) وَقَالَ زُفَرُ ﵀: بَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِأَنَّ الْكُفْرَ يُنَافِيه فَيَسْتَوِي فِيهِ الِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ كَالْمَحْرَمِيَّةِ فِي النِّكَاحِ. وَلَنَا أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ صِفَةُ كَوْنِهِ طَاهِرًا فَاعْتِرَاضُ الْكُفْرِ عَلَيْهِ لَا يُنَافِيه كَمَا لَوْ اعْتَرَضَ عَلَى الْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ
ــ
[فتح القدير]
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا لَا يُصَحِّحَانِ مِنْهُ تَيَمُّمًا أَصْلًا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْهُ فَمَا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَهَذَا لِأَنَّ النِّيَّةَ تُصَيِّرُ الْفِعْلَ مُنْتَهِضًا سَبَبًا لِلثَّوَابِ، وَلَا فِعْلَ يَقَعُ مِنْ الْكَافِرِ كَذَلِكَ حَالَ الْكُفْرِ وَلِذَا صَحَّحُوا وُضُوءَهُ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى النِّيَّةِ وَلَمْ يُصَحِّحْهُ الشَّافِعِيُّ لَمَّا افْتَقَرَ إلَيْهَا عِنْدَهُ.
وَقَدْ رَجَعَ الْمُصَنِّفُ إلَى التَّحْقِيقِ فِي التَّعْلِيلِ فِي جَوَابِ زُفَرَ حَيْثُ قَالَ: وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ لِانْعِدَامِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا قُرْبَةً مَقْصُودَةً هُنَا كَوْنُهَا مَشْرُوعَةٌ ابْتِدَاءً يُعْقَلُ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي الْأُصُولِ إنَّهَا لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ فَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَقْصُودَةً لَعَيْنِهَا بَلْ لِإِظْهَارِ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَنْكِفِينَ مِنْ الْكُفَّارِ بِإِظْهَارِ التَّوَاضُعِ وَالِانْقِيَادِ لِلَّهِ ﷾، وَلِذَا أُدِّيَتْ فِي ضَمِنَ الرُّكُوعِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ فَيَسْتَوِي فِيهِ الِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ) فَكَمَا لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ كَافِرٌ لَا يَصِحُّ بَقَاؤُهُ مَعَ الْكُفْرِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ فِي بَابِ النِّكَاحِ، كَمَا يُمْنَعُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ يُمْنَعُ بَقَاؤُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ صَغِيرَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا الْمَرْأَةُ ارْتَفَعَ النِّكَاحُ، أَوْ كَبِيرِينَ فَمَكَّنَتْ الزَّوْجَةُ ابْنَ زَوْجِهَا ارْتَفَعَ بَعْدَ الثُّبُوتِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ مُنَافِيَةٍ الْحُكْمَ يَسْتَوِي فِيهَا الِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ شَيْءٌ بِالنَّصِّ كَبَقَاءِ الصَّلَاةِ عِنْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ حَتَّى جَازَ الْبِنَاءُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاسْتِدْلَالِ الْمَذْكُورِ لَزُفَرَ لَا يَسْتَلْزِمُ بِنَاءَهُ عَلَى حَبْطِ الْعَمَلِ بِالْكُفْرِ لِيَحْتَاجَ إلَى جَوَابِهِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى بَعْدَ قَلِيلِ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ الْبَاقِيَ) حَاصِلُهُ تَسْلِيمُ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَمَنْعُ صِدْقِهِ

1 / 132