فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
Genre-genre
كذلك لم تتوقَّف يمينُ معاوية عن الكتابة والخط بموت النبي ﷺ، بل استكتبه أيضا أبو بكر ﵁، وهذا مزيد دليلٍ على أمانته.
فعن عروة بن الزبير قال: «دخلتُ على معاوية فقال لي: ما فعل المسلول؟ قال: قلتُ: هو عندي. فقال: أنا والله خططته بيدي، أَقْطَعَ أبو بكر الزبير ﵁ أرضًا فكنت أكتبها، قال: فجاء عمر، فأخذ أبو بكر - يعني الكتاب - فأدخله في ثني الفراش، فدخل عمر ﵁ فقال: كأنكم على حاجة؟ فقال أبو بكر ﵁: نعم، فخرج، فأخرج أبو بكر الكتاب فأتممته» (^١).
وظلَّ معاوية ﵁ على هذا الحال، من الغزو والجهاد ونشر الدين، حتى لحق الصدِّيق ﵁ بربه، بعد أن عهد إلى عمر بن الخطَّاب ﵁ بالخلافة من بعده.
معاوية مع عمر بن الخطَّاب ﵄-:
على نفس منوال أبي بكر ﵁ في استعمال معاوية ﵁ في الغزو والجهاد، نَسَجَ الخليفة الجديد عمر ﵁، وفي المقابل: فإن معاوية لم يألُ جهدًا في خلافة عمر في السمع والطاعة، والبذل والحركة، وساعده على ذلك ما كان فيه من نشاط الشباب وحماسه.
ففي سنة خمس عشرة من الهجرة (^٢)،
_________
(^١) إسناده صحيح: أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (٣/ ٣٧٣).
(^٢) هكذا أرَّخ لها الطبري، لكن خالفه غيره، فنقل ابن عبد البر في الاستيعاب (٣/ ١٤١٧) -بسند صحيح- عن الوليد بن مسلم أن فتح قيسارية على يد معاوية كان في العام التاسع عشر للهجرة، ونقل مثله أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (ص: ١٧٩) عن أحمد بن حنبل، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ١١٥ - ١١٦) عن الليث بن سعد، فالله أعلم بالصواب.
ثم وجدتُ الطبري في موضع آخر (٤/ ١٠٢) ذكر خلافا أوسع من ذلك، فقال: "وقال أبو معشر: كان فتح قيسارية في هذه السنة- أعني سنة تسع عشرة- وأميرها معاوية بن أبي سفيان. وكالذي قال أبو معشر في ذلك قال الواقدي.
وأما ابن إسحاق فإنه قال: كان فتح قيسارية من فلسطين وهرب هرقل وفتح مصر في سنة عشرين.
وأما سيف بن عمر فإنه قال: كان فتحها في سنة ست عشرة".
1 / 47