Fatawa Kubra
الفتاوى الكبرى
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م
أَيْ: هَؤُلَاءِ الْمَذْمُومِينَ: ﴿يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾ [النساء: ٧٨] . أَيْ سَبَبُ أَمْرِك وَنَهْيِك، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٧٨] ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ﴾ [النساء: ٧٩] . أَيْ: مِنْ نِعْمَةٍ. ﴿فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩]، أَيْ: فَبِذَنْبِك، كَمَا قَالَ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠]، وَقَالَ: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [الروم: ٣٦] .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي هَذَا الْبَابِ: فَهُمْ قَوْمٌ لَبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَهُمْ بَيْنَ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَبَيْنَ شِرَارِ النَّاسِ، وَهُمْ الْخَائِضُونَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَاطِلِ، فَقَوْمٌ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يَهْدُونَ أَنْفُسَهُمْ وَيُضِلُّونَهَا وَيُوجِبُونَ لَهَا فِعْلَ الطَّاعَةِ، وَفِعْلَ الْمَعْصِيَةِ بِغَيْرِ إعَانَةٍ مِنْهُ وَتَوْفِيقٍ لِلطَّاعَةِ، وَلَا خِذْلَانَ مِنْهُ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَقَوْمٌ لَا يُثْبِتُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا وَلَا قُدْرَةً وَلَا أَمْرًا. ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَنْحَلُّ عَنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَيَكُونُ أَكْفَرَ الْخَلْقِ، وَهُمْ فِي احْتِجَاجِهِمْ بِالْقَدَرِ مُتَنَاقِضُونَ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلٍ يُحِبُّونَهُ وَفِعْلٍ يُبْغِضُونَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ وَلِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِأَفْعَالِ الْمُعْتَدِينَ، فَإِذَا جَعَلُوا الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ سَوَاسِيَةً لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَذُمُّوا أَحَدًا، وَلَا يَدْفَعُوا ظَالِمًا، وَلَا يُقَابِلُوا مُسِيئًا، وَأَنْ يُبِيحُوا لِلنَّاسِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ كُلَّ مَا يَشْتَهِيهِ مُشْتَهٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَعِيشُ عَلَيْهَا بَنُو آدَمَ، إذْ هُمْ مُضْطَرُّونَ إلَى شَرْعٍ فِيهِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ، أَعْظَمُ مِنْ اضْطِرَارِهِمْ إلَى الْأَكْلِ وَاللِّبَاسِ.
وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ لِشَرْحِهِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْجَامِعَةِ وَالْقَوَاعِدِ النَّافِعَةِ، بِنُكَتٍ مُخْتَصَرَةٍ تُنَبِّهُ الْفَاضِلَ عَلَى مَا فِي الْحَقَائِقِ،
1 / 126