Fatawa Kubra
الفتاوى الكبرى
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م
بِالزُّهَرَةِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ هُوَ مِنْ أَوْضَحِ الْهَذَيَانِ؛ لِمُبَايَنَةِ أَحْوَالِ النَّبِيِّ ﷺ وَأُمَّتِهِ لِمَا يَدَّعُونَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ، فَإِنَّ مِنْ أَوْضَحِ الْكَذِبِ قَوْلَهُمْ: إنَّ نَجْمَ الْمُسْلِمِينَ بِالزُّهَرَةِ، وَنَجْمَ النَّصَارَى بِالْمُشْتَرَيْ، مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْتَضِي الْعِلْمَ وَالدِّينَ، وَالزُّهَرَةَ تَقْتَضِي اللَّهْوَ وَاللَّعِبَ؛ وَكُلُّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ النَّصَارَى أَعْظَمُ الْمِلَلِ جَهْلًا وَضَلَالَةً، وَأَبْعَدُهَا عَنْ مَعْرِفَةِ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ، وَأَكْثَرُ اشْتِغَالًا بِالْمَلَاهِي وَتَعَبُّدًا بِهَا.
وَالْفَلَاسِفَةُ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ مَا قَرَعَ الْعَالِمُ نَامُوسَ أَعْظَمَ مِنْ النَّامُوسِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ وَأُمَّتُهُ أَكْمَلُ عَقْلًا وَدِينًا وَعِلْمًا بِاتِّفَاقِ الْفَلَاسِفَةِ، حَتَّى فَلَاسِفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَإِنَّهُمْ لَا يَرْتَابُونَ فِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ عَقْلًا وَدِينًا، وَإِنَّمَا يَمْكُثُ أَحَدُهُمْ عَلَى دِينِهِ، إمَّا اتِّبَاعًا لِهَوَاهُ وَرِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ دُنْيَاهُ فِي زَعْمِهِ، وَإِمَّا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَيِّ مِلَّةٍ كَانَتْ، وَإِنَّ الْمِلَلَ شَبِيهَةٌ بِالْمَذَاهِبِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْفَلَاسِفَةِ مِنْ الْمُنَجِّمِينَ وَأَمْثَالِهِمْ يَقُولُونَ بِهَذَا، وَيَجْعَلُونَ الْمِلَلَ بِمَنْزِلَةِ الدُّوَلِ الصَّالِحَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ.
وَأَمَّا الْكُتُبُ السَّمَاوِيَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَنَاطِقَةٌ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ دِينًا سِوَى الْحَنِيفِيَّةِ، وَهِيَ الْإِسْلَامُ الْعَامُّ: عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْإِيمَانُ بِكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٦٢] .
وَبِذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَنْ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَأُمَمِهِمْ، قَالَ نُوحٌ: ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٧٢] .
وَقَالَ فِي آلِ إبْرَاهِيمَ ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [البقرة: ١٣٠] ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ - وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣١ - ١٣٢] . وَقَالَ: ﴿وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٨٤] .
وَقَالَ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا﴾ [المائدة: ٤٤]، وَقَالَتْ بِلْقِيسُ: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل: ٤٤] .
وَقَالَ فِي الْحَوَارِيِّينَ: ﴿أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾ [المائدة: ١١١]، وَقَدْ قَالَ مُطْلَقًا: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: ١٨] ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ [آل عمران: ١٩] .
وَقَالَ: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٦] . ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥] .
1 / 73