243

Fatawa Kubra

الفتاوى الكبرى

Penerbit

دار الكتب العلمية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَبَاطِنَهُ بِدَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ، وَغَضَّ بَصَرَهُ عَنْ الْمَحَارِمِ، وَكَفَّ نَفْسَهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ وَذَكَرَ خَصْلَةً خَامِسَةً إنَّمَا هُوَ أَكْلُ الْحَلَالِ وَلَمْ تُخْطِئْ لَهُ فِرَاسَةٌ. وَاَللَّهُ تَعَالَى يَجْزِي الْعَبْدَ عَلَى عَمَلِهِ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ، فَغَضُّ بَصَرِهِ عَمَّا حَرَّمَ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ. فَيُطْلِقُ نُورَ بَصِيرَتِهِ، وَيَفْتَحُ عَلَيْهِ بَابَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْكُشُوفِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَنَالُ بَصِيرَةَ الْقَلْبِ.
وَالْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: قُوَّةُ الْقَلْبِ، وَثَبَاتُهُ، وَشَجَاعَتُهُ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ سُلْطَانَ النُّصْرَةِ مَعَ سُلْطَانِ الْحُجَّةِ، وَفِي الْأَثَرِ: الَّذِي يُخَالِفُ هَوَاهُ يَفْرُقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ، وَلِهَذَا يُوجَدُ فِي الْمُتَّبِعِ لِهَوَاهُ مِنْ الذُّلِّ، ذُلِّ النَّفْسِ وَضَعْفِهَا وَمُهَانَتِهَا، مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لِمَنْ عَصَاهُ، فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْعِزَّةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَالذِّلَّةَ لِمَنْ عَصَاهُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٨]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] وَلِهَذَا كَانَ فِي كَلَامِ الشُّيُوخِ: النَّاسُ يَطْلُبُونَ الْعِزَّ مِنْ أَبْوَابِ الْمُلُوكِ، وَلَا يَجِدُونَهُ إلَّا فِي طَاعَةِ اللَّهِ.
وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ هَمْلَجَتْ بِهِمْ الْبَرَاذِينُ، وَطَقْطَقَتْ بِهِمْ الْبِغَالُ، فَإِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ فِي رِقَابِهِمْ، يَأْبَى اللَّهُ إلَّا أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ، وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ وَالَاهُ فِيمَا أَطَاعَهُ فِيهِ، وَمَنْ عَصَاهُ فَفِيهِ قِسْطٌ مِنْ فِعْلِ مَنْ عَادَاهُ بِمَعَاصِيهِ. وَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: «إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ» .

1 / 293